إن المتتبع للتاريخ الغرب إفريقي المعاصر يلاحظ أن لدولة السنغال أطماعا قديمة ومتجددة تتعلق بجارتها غامبيا والتي هي شبه جزيرة يحيط بها هذا البلد من جهات ثلاث والمحيط الأطلسي من الجهة الرابعة وقد نجحت الأطماع السنغالية في السيطرة على هذا البلد الاستراتيجي عن طريق سياسة السينيغامبيا في عهد الرئيس داوودا جاوارا إلا أنه وبعد تولي الرئيس يحي جامي منذ ما يربو على عقدين من الزمن زمام الأمور في هذا البلد تم وضع حد للهيمنة السنغالية وأصبحت غامبيا كاملة السيادة والاستقلال.
إن الأحداث المتلاحقة التي عرفها هذا البلد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة أماطت اللثام عن أمور عدة من ضمنها.
رغبة السنغال في فرض هيمنتها على هذا البلد ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية.
حكمة موريتانيا متمثلة في دبلوماسية مرنة وناجحة يقودها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الذي لولا حكمته وشجاعته وقابليته للمخاطرة لتحولت غامبيا إلى ساحة صراع لا تحمد عقباه ولتأثرت شبه المنطقة بتداعيات ذلك الصراع وفي مقدمتها السنغال.
إن الدرس الغامبي الذي قدمه الرئيس محمد ولد عبد العزيز للعالم أجمع يؤكد رغبة موريتانيا في ترسيخ سياسة السلم والأمن والسكينة في منطقة شعشع الإرهاب في بعض أركانها وعن دورها المحوري في فض الصراعات وحضورها على المستوى الدولي.
فهذا الدرس جسد مضمون الآية الكريمة « وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (صدق الله العظيم).وكلل قول العلامة الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديا: (ينال بالرفق ما بالعنف قد ينل).
ففطرة القيادة وامتلاك الشخصية الكاريزمية ميزات حبي الله بها رئيسنا وجعلته مؤهلا لأن يلعب هذا الدور أكثر من غيره وأن يقدم للعالم هذا الدرس المليء بالعبر في ظرف كثر فيه قارعوا طبول الحروب والفتن.
وختاما أهيب بطبقتنا السياسية أغلبية ومعارضة أن تفتخر بهذا الدور الريادي وأن تصطف خلف هذه القيادة التي أنجزت لبلادنا الكثير وكان آخر تلك الانجازات عقد القمة السابعة والعشرين للجامعة العربية في نواكشوط والتي كانت حلما راودنا منذ نشأة الدولة العصرية.
الدكتور محمد الامين والد الشيخ عبد الله