حين تتألق دبلوماسية موريتانيا

أربعاء, 2017-02-01 09:23
رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز

أيام معدودات فقط كانت كافية لتحقيق ما يشبه المعجزة الدبلوماسية بامتياز.. أيام تقل عن العشرة شهدت نجاحا دبلوماسيا قياسيا للرئيس محمد ولد عبد العزيز في مبادرة وساطة اللحظات الأخيرة لحل الأزمة الانتخابية المستعصية في غامبيا وحمل الرئيس يحيى جامي على التنحي وترك السلطة لخلفه أداما بارو، المنتخب ديمقراطيا.

وبالتالي تجنيب غامبيا ومنطقة غرب إفريقيا ويلات الانزلاق في أتون صراع مسلح جديد ينضاف لسلسلة الحروب والأزمات الأمنية التي تعصف بعدة نقاط من القارة السمراء.

لم يجد الرئيس الموريتاني، الذي يتولى الرئاسة الدورية لقمة جامعة الدول العربية ويقود القمة الأفروعربية، أي متسع من الوقت لراحة إذ ما كاد ينهي أزمة غامبيا حتى كان على موعد مع قمة أمنية إقليمية أخرى تستهدف إنهاء الاقتتال وجحيم الحرب المستعرة في ليبيا.

كانت الوجهة هذه المرة مدينة برازافيل عاصمة الكونغو للمشاركة في اجتماع مجموعة الاتصال رفيعة المستوى حول ليبيا حيث تم تقييم حصيلة عمل المجموعة واعتماد خارطة طريق جديدة لتقريب الأطراف الليبية فيما بينها والتوصل لتسوية سياسية مرضية.

موريتانيا اليوم 

ومن برازافيل توجه الرئيس ولد عبد العزيز رأسا إلى أديس أبابا لحضور قمة الاتحاد الإفريقي التي كان على رأس جدول أعمالها انتخاب رؤساء مفوضات المنظمة القارية وعلى رأسهم رئيس مفوضية الاتحاد الذي يتولى التسيير العام للمنظمة.

ولأن موريتانيا لم تكن تقدمت بمرشح لهذا المنصب مكتفية بالترشح لرئاسة اثنتين من المفوضيات الفرعية هما مجلس السلم والأمن الإفريقي ومفوضية العلوم والتقنيات والشباب، فإن التطورات الأخيرة في المنطقة؛ وخاصة الموقف غير الودي الذي تعاملت به الحكومة السنغالية مع الوساطة الموريتانية في غامبيا فرض على نواكشوط التحرك في الأوقات الأخيرة للرد دبلوماسيا على ذلك الموقف السنغالي المثير لريبة والجدل.

 قررت الرئيس الموريتاني دعم مرشح تشاد المنافس الأبرز لعبد الله باتيلي مرشح السنغال، وكسب التأييد له داخل القمة وهنا كان للعبة فنياتها وأسلوبها... من تلك الفنيات التنازل عن الترشح لإحدى مفوضيتهما الاتحاد لصالح مرشح الجزائر لقاء حشد الدعم لمرشح تشاد ومنع فوز مرشح السنغال وهو ما لم يكن ليتحقق بهذا المستوى لولا وجود ورقة سحب الترشح أصلا.. انهزمت السنغال في معركة دبلوماسية شرسة وغير متكافئة منذ البداية حيث أقر الرئيس السنغالي، ماكي صال بأنه زار ما يزيد على ثلثي الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي وتلقى وعودا من قادتها بدعم مرشحه من حيث المبدأ، وهو ما نجحت موريتانيا في إحباطه رغم دخولها الحلبة متأخرة جدا، أي قبل انعقاد قمة أديس أبابا بأقل من أسبوع واحد..

هذا التألق الدبلوماسي واكبه موقف في غاية الحنكة والحرص على السلم في إفريقيا، وهو دعم عودة المملكة المغربية لحظيرة المنظمة القارية سبيلا إلى إظهار حسن النية والمضي في موقف الحياد الإيجابي من قضية الصحراء الغربية بين المعرب وجبهة البوليساريو....

موريتانيا اليوم .