نشر المكتب الإعلامي لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس اليوم الثلاثاء الخامس من شهر غشت، تقريرا خاصا تضَمَّن قصة 29 من مقاتليه، قاتلوا تحت الأرض، والتي اعتبرها التقرير من قصص بطولات وكرامات المجاهدين.
المكان جنوب قطاع غزة، في منطقة الغوافير شرق القرارة، والزمان بداية الغزو وبالضبط ما سُمِّي بِمعركة "العصف المأكول"، حيث ترجّل تسعة وعشرون مجاهداً من قوات النخبة القسامية عبر نفق أرضي إلى أرض المعركة للإلتفاف على قوات العدو ومباغتتها.
أحد المشاركين في العملية يروي تفاصيلها قائلا: "" كانت مهمتنا تتمثل في تنفيذ عمليات التفاف خلف القوات المتوغلة والتصدي لآليات وجنود الاحتلال بكل وسيلة كما كان جزء من المجاهدين من وحدة الأنفاق ومهمتهم تجهيز الأنفاق والعيون وتهيئتها للاستخدام من قبل مقاتلي النخبة، وقد كان المجاهدون في حالة استنفار وأخذوا مواقعهم قبل بدء الحرب البرية". (ع.س) يضيف: " مع بداية الحرب البرّية إلتحمنا مع قوات العدو ونفّذ مقاتلونا بعون الله عدّة عمليات جريئة، كانت أولها عملية تفجير دبابة وجرافة من نقطة صفر، ثم توالت عملياتنا وتنوعت وتوزعت على المجاهدين كلّ حسب اختصاصه، بحسب الخطّة الموضوعة لنا من إخواننا في غرفة قيادة العمليات... خرج المجاهدان الشهيدان باسم الأغا وفادي أبو عودة، بعبوات الشواظ (من الصناعات العسكرية للقسام)، وفجّرا هذه العبوات بعمليتين استشهاديتين في جرّافة ودبّابة من مسافة صفر، وأوقعا فيهما القتلى والإصابات." كانت الأمور ـ كما يبدو من خلال الرواية ـ تسير وفق الخطة المرسومة، إلا أن دخول القوات الإسرائيلية منطقة القرارة، وتفجيرها لبعض عيون (مداخل) الأنفاق، ودكَّ المنطقة بصواريخ الإف 16، أدى إلى إغلاق مخرج النفق المحفور على عمق 25 متراً تحت الأرض على المجاهدين في اليوم الثاني للعملية البرية لينقطع الاتصال بينهم وبين غرفة العمليات.
يقول القائد الميداني و.أ : "منذ انقطاع الاتصال في ذلك اليوم اعتبرنا جميع هؤلاء المجاهدين في عداد المفقودين، ولم نعد نعرف ما يدور معهم بسبب سخونة الاشتباكات وتعدد محاور التماسّ مع العدو، وكان التقدير بأنّ ما لديهم من طعام وشراب وهواء لا يكفي كلّ هذه المدة وأنّ من المستحيل – في تقديرنا البشري ـ أن يكونوا في عداد الأحياء" .
ويستدرك القائد الميداني: " لكن وبعد وقف إطلاق النار قامت طواقم الإنقاذ والدفاع المدني بالحفر في منطقة النفق لانتشال المجاهدين منه، وكانت المفاجأة التي وقعت علينا وقع الصاعقة الممتزجة بالذهول والحمد والشكر لله، حيث تجلّت عظمة الله تعالى في خروج ثلاثة وعشرين مجاهداً من النفق، إذ كانوا أحياء وبصحة جيدة !" في حين إستمر البحث عن ثلاثة عناصر بعد إستشهاد الرابع وهو يحاول فتح مخرج من النفق لزملائه.
يقول المجاهد العائد ر.س: "يسّر الله لنا في باطن الأرض ما يشبه نبع الماء، حيث كنّا نضع قطعة من القماش من ثيابنا على الماء ثم نشرب ما تحمله هذه الثياب من ماء، وقمنا باقتسام ما لدينا من التمر طوال نحو شهر من الزمان، فكان نصيب كل واحد منا في اليوم نصف تمرة ونصف كوب صغير من الماء!".
هذا واعتبرت كتائب القسام القصة تأكيدا وإثباتا للدعم الإلهي لمقاتليها، وحلقة من حلقات إنتصارهم، وهم الذين ـ حسبها دائما ـ انتصروا لله ولدينه ولأرضه المقدّسة.