ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺄﺳﻒ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟﻤﻮﺍﻗﻔﻪ، ﺍﻟﻤﻨﺘﻘﺪﺓ ﻟﺒﻌﺾ ﺁﺭﺍﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﺤﻔِّﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺗﺪﻳّﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤُﻌﺎﺩﻳﻦ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻗﻴﻤﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺃﺣﺪ ﻋﻠّﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ - ﺃﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ - ﺃﻥ ﺗﻜﺎﻟﺐ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀﻭﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﻻ ﻳﻠﻐﻲ ﻭﻻ ﻳُﺆﺟّﻞ ﻧﻘﺎﺵ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠّﺔ ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ .ﻳﻘﺮُّ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﻣﺜﻼً، ﻭﺇﻥ ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺪﺋﻴﺔ - ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ - ﻷﻃﺮﺍﻑ ﻣﻬﻤﺔ ﺩﺍﺧﻞ " ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ " ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺪّﻭﺭ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﺼﺎﺋﺒﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ . ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻳُﺠﻴﺰﻭﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ، ﺑﻞ ﻭﺍﻹﺳﺎﺀﺓ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ - ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼّﺤﺎﺑﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ - ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻳَﺮَﻭْﻥ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﻪ ﻭﺗﻌﻴﺸﻪ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ .
ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺸﻜﺎﺓ، ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﻠّﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ، ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻧﺴﻤﻊ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺗﺘﻌﺎﻟﻰ ﺗﺠﺮﻳﺤﺎً ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺩﺍً ﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺗﺮﺍﺛﻪ ﺍﻟﺪِّﻳﻨﻲ، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﺴّﻠﺒﻲ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻓﻴﻪ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً ﻣﻊ ﻣﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺑﻌﺾ ﻓﺌﺎﺗﻪ . ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺜﻼً ﺃﻥ ﺗﺬﻛِّﺮ ﺑﺄﻥ : ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﺸﻊّ ﻋﻠﻤﺎ ﻭﻳﻤﻸ ﺧﺮّﻳﺠﻮﻫﺎ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺩﻋﻮﺓ ﻭﺻﻼﺣﺎً ﻟﻢ ﻳﻜﺪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻭﺍﻗﻊ " ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ " ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ، ﺟﻬﻼً ﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎً ﻟﺸﺮﺍﺋﻌﻪ، ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ " ﻟﻢ ﺗﺼﻠﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ."
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺆﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺼﺮﻩ ﻟﻲ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ : " ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻣﺮﺍً ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻋﺎﻗﺒﺘﻪ ﺍﻷﺧﺮﻭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻭﺃﺳﻼﻓﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻪ ﺃﻭ ﻭﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻮﻉ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ".ﻃﺒﻌﺎً، ﻗﺪ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴّﺎً ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻋﺎﺷﺘﻪ ﺷﻌﻮﺏ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻋﻄﺎﺀﻩ ﻟﺒﻮﺳﺎً ﺩﻳﻨﻴًّﺎ ﻭﺍﻟﺘﺼّﺪﻱ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺗﺼﺤﻴﺤﻪ ﺃﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﺓ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻟﻢ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﺮﻗﺎﻕ، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪِّﻳﻨِﻴَّﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺮِّﻣﺔ، ﺇﻻ ﺳﻨﺔ .2015ﺃﻛﺎﺩ ﺃﺟﺰﻡ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﻞ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻭﻓِﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ، ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘّﻐﻠﺐ، ﻫﻮ ﺃﻫﻢ ﺭﺍﻓﺪ ﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﻭﻟﻺﻟﺤﺎﺩ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﺮّﺭﺕ ﻇﻠﻤﺎً ﻭﺗﻬﻤﻴﺸﺎً ﻭﺑﻌﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ . ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺘﺼﺪّﻱ ﻝ " ﻣﻮﺟﺔ ﺍﻹﻟﺤﺎﺩ " ﺃﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ؛ ﻓﻤﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ .ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﻟﻠﻤﻮﺭﻭﺙ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳّﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ، ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ - ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻫﻮ - ﺍﻟﺘﺠﺮﺩ ﻣﻨﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﺮﺳﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺟﻤﻴﻌﺎً .
ﻭ " ﻧﺪﺭﻙ ﻋﻈﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻋﺴﺮﻩ ﺣﻴﻦ ﻧﺪﺭﻙ ﺿﺨﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ، ﻭﺛﻘﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ، ﻭﺿﻐﻄﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﺍﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻣﻌﺎﺷﻬﻢ، ﻭﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺕ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻣﻮﺭﻭﺛﺎﺕ ﺑﻴﺌﺘﻬﻢ، ﻭﺭﻭﺍﺳﺐ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﻢ، ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺷﺪﺍ، ﻭﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺿﻐﻂ ﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﺎ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ .. ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺪﺭﻙ ﻋﻈﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻋﺴﺮﻩ ﺣﻴﻦ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻧﻔﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺪ ﺍﺣﺘﺎﺟﺖ - ﻛﻲ ﺗُﺒﻠّﻐﻪ - ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ؛ ﺑﻞ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻠﻎ ﺣﺪ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﻪ "! ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﻠّﻘﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺩﺛﺔ " ﻋﺒﺲ ﻭﺗﻮﻟَّﻰ " ، ﻭﻣﺒﺮﺯﺍً ﻟﺪﺭﻭﺳﻬﺎ . ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﺼّﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳّﺴﺖ ﻣﺒﻜﺮﺍً ﻟﻠﻘﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻃﻠﻘﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻭﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﺎ، ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺛﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ .ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﺗﻘﺪّﻡ ﺃﻱ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﻟﻠﻌﻮﺍﻡ ﺑﺄﻥ ﻳﻄﻠﻘﻮﺍ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﺍﺗﻬﺎﻣﺎً ﻟﻠﻨﻴّﺎﺕ ﻭﺗﺠﺮﻳﺤﺎً ﺃﻭ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﻋُﺮﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻮﺭﻉ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ . ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﺧﺬ ﺩﻳﻨﻬﺎ ﻭﻓﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؛ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﻼً ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ .
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺟﺬﻭﺭ ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻤﻴﻖ ﻭﺣﻠﻮﻟﻪ ﻣﻌﻘﺪﺓ، ﻭﻟﻦ ﻳﻨﻔﻌﻬﺎ ﻗﻄﻌﺎً ﺗﻀﻤﻴﺪ ﺍﻟﺠﺮﺍﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻊ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺮﻫﻴﺐ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ، ﻓﻜﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﺘﻨﺔ ﻣﺆﺟﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻵﻥ ﻭﺍﺿﺤﺎً . ﻓﻘﺪ ﺑﺪﺃ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻄﺢ ﻣﺪﻯ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺴﺒﺒﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﻮﺍﻗﻒ " ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ " ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﻟﺪﻯ ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻐﻞّ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﻐﺮﺿﻴﻦ ﻭﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻓﻌﻠﻰ ﺩﻋﺎﺗﻨﺎ ﻭﻋﻠﻤﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻫﻢ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ، ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻨّﻮﺍ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺰﻣﺎ ﻭﻣﺒﺪﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .
ﻳﻌﺘﺬﺭ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﺇﻥ ﺣﺼﻠﺖ - ﻭﻫﻲ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ - ﻭﻳﺼﺤّﺤﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ، ﻭﻳﻘﻮﺩﻭﻥ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻳّﺔ ﻭﻋﺪﺍﻟﺔ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻧﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻳﺮﻭﻧﻪ ﺃﻫﻼ ﻟﺬﻟﻚ . ﻭﺇﻻ ﻓﻼ ﻳﻘﻔﻮﺍ ﺧﻄﺄً ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪُﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻪ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﺘﻨﺔ .