الإرهاب والأمن في إفريقيا: تحدي عالمي (ترجمة مقال عزيز)

خميس, 2014-08-07 14:57

استمرت التهديدات الأمنية لأكثر من عقد من الزمن، على الرغم من تراجعها مؤخرا، لتذكرنا بأن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة تتطلب يقظة دائمة.

 

وهكذا فإن قمة القادة الأفارقة فرصة لقادة إفريقيا والولايات المتحدة لمناقشة هذه المسألة بشكل جماعي وإقرار وتعميق انخراط الولايات المتحدة في العملية.

 

ولعل الأحداث الأخيرة في كل من مالي و السودان وليبيا ونيجيريا وكينيا و الصومال تؤكد وجوب معالجة هذه الظاهرة باعتبارها قضية عالمية لكي يتسنى احتواءها والتغلب عليها بشكل مستدام. وفي الواقع فإننا في إفريقيا نقف على مفترق طرق تاريخي إن نحن أردنا توفير السلام والاستقرار للأجيال القادمة.

 

 

متلازمة التنمية

 

استمرار مثل هذه الشرور في شبه المنطقة يفرض علينا تحديا أكبر ينضاف إلى قضايا التنمية ومكافحة الفقر الصعبة أصلا. وبالفعل فإن هناك علاقة وثيقة بين الأمن والتنمية بحيث أن كليهما يشكل شرطا للآخر: فلا تنمية بدون أمن الأشخاص والممتلكات ولا أمن قابل للبقاء بدون تنمية فعالة.

 

هذا التحدي المزدوج لمتلازمة التنمية يواجهنا اليوم. فالآثار المدمرة لانعدام الأمن في منطقة الساحل واضحة وبادية للعيان و دون الحاجة إلى أي سرد تاريخي. ومع ذلك، فهذه التهديدات، التي يجب أن نوحد جهودنا في مواجهتها أكثر من أي وقت مضى، يجب أن لا تلقي بظلالها على واقع التقدم.

 

وهكذا يجب علينا أن نبرز أهمية التحرير والعودة إلى النظام الدستوري في مالي، وبإمكاننا أن نفرح ولكن يجب أن نظل يقظين. فخلال الأحداث المؤلمة التي عرفها هذا البلد الشقيق مثل إخواننا الآخرين في الساحل،فإن المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس" والاتحاد الإفريقي قاما بدعم كل الجهود الرامية إلى حل هذه الأزمة.

 

أما نحن في موريتانيا، فقد عملنا على ضمان عدم المساس المطلق بحوزتنا الترابية من قبل العصابات المسلحة التي كانت تسعى لإيجاد أراضي بديلة في الوقت الذي استقبلنا فيه عشرات الآلاف من المدنيين الماليين.

 

 

نهج عالمي بقيادة محلية من أجل نجاح حاسم

 

إن الحرية المتجددة اليوم في مالي يجب أن تكون موضع إشادة وهي التي تحققت أولا بفضل نكران الذات غير العادي لدى الماليين، وثانيا، بفضل دعم الدول الشقيقة والصديقة. كما يجب التنويه بشكل خاص بالتزام القوات المشتركة التي قامت دول الساحل بحشدها.

 

و سيتذكر التاريخ تضحيات الضباط والجنود التشاديين الشجعان الذين تمكنوا من طرد المتمردين من معاقلهم في شمال مالي، كما سيتذكر التاريخ أيضا الدعم الفرنسي والأمريكي لهذا الجهد العالمي الحقيقي. ويجب علينا دعم جميع أولئك الذين يعانون من هجمات إرهابية بنفس التنسيق والتصميم العالميين تأسيسا على التجارب الأخيرة.

 

 

فأي تقدم نحرزه في السيطرة على التهديدات مع تدفق التضامن الدولي يبشران بدينامية جديدة يجب علينا أن نمتلكها بشكل كامل. لا أحد يستطيع أن ينكر أن مستقبل منطقتنا هو مسؤوليتنا في المقام الأول، كما لا يمكن أن ينكر أن فعالية الدعم الخارجي تتوقف على مدى قبولها محليا. إنه أمر يتعلق بسيادتنا وفهمنا لبيئتنا. يجب أن تضع الدول المعنية الأولويات وتحدد ردات الفعل. ومع ذلك، فإن التحديات العابرة للحدود التي نواجهها تتطلب تضامنا لا يفتر من طرف دولنا وخطة عمل مشتركة بين مستوياتنا الوطنية والإقليمية. فجهودنا العالمية مجتمعة ينبغي أن تقوي الخطوات الفردية التي تتخذها الدول.

 

 

حماية مستقبل الجيل القادم

 

ويبقى ضمان الديمقراطية وتعزيز سيادة القانون وتعزيز الحكم الرشيد ، من وجهة النظر هذه، أفضل دفاع ضد إغراءات الراديكالية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإطلاع بالشرعية اللازمة في ممارسة الهم العام هو أيضا شرط ضروري للكفاح الفعال ضد الفقر وانعدام الأمن.

 

وفي هذا الإطار فإن تلبية تطلعات الشباب يشكل أولوية رئيسية في هذا الصراع. ومع ذلك فإنه من الواضح أنه لا تزال نتائج سياسات توظيف الشباب دون المستوى المطلوب في العديد من المناطق التي تنبت فيها جذور الإرهاب رغم الجهود المبذولة في هذا الصدد.

 

وتشكل مبادرة القادة الأفارقة الشباب التي أطلقها الرئيس أوباما، إشادة بالمبادرات الشبابية الأخرى على مستوى القارة. وينبغي أن ينظر إلى هذه الجهود كجزء من مبادرات التجارة والطاقة الافريقيتين من أجل ضمان ولوج الشباب إلى مصادر الدخل والتمكين الاجتماعي. كما يجب أن لا يتم اختزال الشباب الأفريقي في أدوات للعنف وانعدام الأمن في فترة يظهرفيها أمام القارة الكثير من الأمل. ويجب أن يتم اعتبارهم أمناء على الأمل والفرصة السانحة أمام القارة.

 

وتتوفر منطقتنا على العديد من المصادر الكافية لضمان مستقبل مشرق لأبنائها يتماشى مع تراثهم المجيد. فطاقة شبابنا وروحهم الريادية، ومواردنا الطبيعية المتنوعة و الوفيرة، والتكامل ما بين أراضينا والنظم الإيكولوجية، توفر أساسا قويا. وبالتالي فإن النهضة في الساحل وإفريقيا يمكن إذن أن يتم دعمها بالإرادة السياسية والرؤية الملموسة في التعامل مع قضايا الأمن. إنه أكثر من واجب، بل هو مسؤولية تجاه شعبنا وتاريخنا.

 

ـــــــــــــــــــــــــــ

ترجمة الوكالة الموريتانية للأنباء