ﻗﺪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﻟﻠﻐﻨﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺃﻳﺎﺩﻱ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﺪﺭﻫﺎ ﻋﻴﺜﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ، ﻭﺇﻥ ﻧﻐﺼﻬﺎ ﻋﻴﺚ ﺍﻟﺬﺋﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻲ، ﻓﻤﻨﻬﺎ ( ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﻐﻨﻢ ) ﺷﺮﺍﺏ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺠﻞ، ﻭﻗﺮﻯ ﺍﻟﻀﻴﻒ، ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﺠﺰﺃ؛ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺒﻘﺮ ﻭﺍﻹﺑﻞ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺠﺰﺃ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺪﺓ ﺭﺅﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻨﻢ؛ ﻟﺬﺍ ﻋﺒﺮﻭﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻮﻝ : " ﻣﺎ ﺍﻧﮕﺪ ." ﻭﻳﺆﺛﺮ ﺃﻥ ﺷﺨﺼﺎ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭ ﺭﺍﻋﻴﺎ ( ﻟﻌﻠﻪ ﺩﻳﻠﻮﻝ ) ﻓﻲ ﺃﻗﺼﺮ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻓﻨﺼﺤﻪ ﺑﺎﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻭﻧﺒﺬ ﺍﻟﻜﺴﻞ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﺍﺳﺘﺸﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻋﻲ : ﺑﻢ ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻜﻢ؟ ﻗﺎﻝ : ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﻑ، ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻫﻲ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺎﻝ !ﻭﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﻟﺤﻮﻣﻬﺎ ﻓﻔﻲ ﺟﻠﻮﺩﻫﺎ ﻣﺂﺭﺏ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺟﻤﺔ؛ ﻓﻤﻦ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﻀﺄﻥ ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﻔﺮﺍﺀ ﻭﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﻬﺎ ﺃﻏﻄﻴﺔ ﻧﺎﻋﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﺯﺭﺍﺑﻲ ﻓﺎﺧﺮﺓ ﻟﻠﻀﻴﻒ ﻭﻣﺮﺍﻛﺐ ﻧﺎﻋﻤﺔ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ( ﻭﺗﻘﺎﺱ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎﺋﻖ ) .
ﻭﻣﻦ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﻤﻌﺰ ﺗﺼﻨﻊ ﻓﺮﺵ ﺍﻟﺼﻼﺓ ( ﺁﻟﻮﺍﻭﻳﺶ ) ﻭﻛﺄﻧﻤﺎ ﺻﻤﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﺎﺟﺪ .
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﺏ؛ ﻭﻟﻸﺧﻴﺮﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺮﺍﺣﻠﻬﺎ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻘﺮﺑﺔ " ﻣَﻤْﻌَﺲْ " ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻣﺤﺸﻮﺓ ﺑﺎﻟﻘﺮﻅ ﻭﺍﻟﺪﺑﺎﻍ، ﻭﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺒﺖ ﻓﺠﻌﻞ ﺷﻌﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻃﻌﻢ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺪﺑﻎ ﻭﺍﻟﺪﻫﻦ، ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺘﺖ ﻋﺮﺍﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﻋُﻘِّﺪﺕْ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻘﺎﺩﻣﺖ ﻭﻧﺴﻞ ﺷﻌﺮﻫﺎ ﻭﻇﻬﺮ ﺟﻠﺪﻫﺎ ﻗﺎﺣﻼ ﻓﻬﻲ " ﺷﻨﺔ " ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻋﺬﺏ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺎﺅﻫﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻬﻲ " ﺯَﻧَّﺎﻧِﻴَّﺔ " ﺃﻭ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻓﻬﻲ " ﺗَﻴﮕِّﻂ .
"ﻛﻤﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﻌِﻜﺎﻙ ﻣﻦ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﻤﻌﺰ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻳﻄﺒﺦ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻫﺐ ﺣﻼﻭﺗﻪ ﻭﻳﻨﻌﻘﺪ ﺭُﺑﻪ ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻏﺸﺎﺀ ﻣﺒﻄﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻳﺴﺪ ﻣﺴﺎﻣﻬﺎ ﻣﻨﻌﺎ ﻟﺘﺴﺮﺏ ﺍﻟﺴﻤﻦ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ ﺍﻟﺮﺏ ﻭﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻦ ﻣﻤﺰﻭﺟﺎ ﺑﻪ !ﻣﻦ ﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﻐﻨﻢ ( ﺑﻨﻮﻋﻴﻬﺎ ) ﺗﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﻮﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻨﺴﺞ ﺍﻟﺤُﺼُﺮ ﻭﺻﻨﺎﻋﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ .
ﻭﻣﻦ ﺟﻠﻮﺩ ﺻﻐﺎﺭﻫﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﺸﻜﺎﺀ ( ﺟﻤﻊ ﺷﻜﻮﺓ ) ﻭﺍﻷﺳﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﻟﺔ ( ﺗﻴﺴﻔﺮﻥ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ) .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻘﺮﺑﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﺪﻭﻱ؛ ﻟﺬﺍ ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻧﺸﻘﺎﻗﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ " ﻣﺎﺗﺖ " ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺗﺴﺘﺒﻄﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻬﺎ .ﺇﺫﺍ ﺃﺭﻳﺪ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﻞ ﺃﻣﻜﻦ ﺣﻤﻞ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺣﻞ ﻓﻘﺮﺑﺘﺎﻥ ﺗﻮﺿﻊ ﻋﺮﻭﺗﺎﻫﻤﺎ ﺍﻷﻣﺎﻣﻴﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺑﻮﺱ ﻭﺗﻨﺎﻁ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺧﺮﺓ ﺍﻟﺮﺣﻞ ( ﺍﻟﺘﻨﺘﻔﺮﺕْ ) .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﻬﻮ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭﺃﺟﺪﺭ .
ﺗﺠﻤﻊ ﻋﺮﻯ ﺍﻟﻘﺮﺑﺘﻴﻦ ( ﺑﻌﺪ ﻣﻠﺌﻬﻤﺎ ﻃﺒﻌﺎ ) ﻓﻴﺪﻧﻰ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ " ﺃﺑَﺰَﺍﺭْ " ﻭﻫﻮ ﺣﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺸﻴﺶ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻠﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺮﻕ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ( ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺒﺮﺩﻋﺔ ) ﻓﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻘﺮﺑﺘﺎﻥ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﺑﺈﺑﻌﺎﺩﻫﻤﺎ ﻣﻨﻪ ﻗﻠﻴﻼ ﺛﻢ ﺧﻄﻔﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﺮﻩ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻣﻼﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﻦ - ﺃﻭ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ - ﻓﻘﺪ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺨﻄﻔﺔ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺒﺬﺓ ﻟﺪﻯ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻣﺲ، ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ : " ﻃﺎﺭﻭ ﻭﺍﻧﺸﮕﻮ ﻭﺍﻣﻦ ﺃﻭﺭﺍﻫﺎ ﻣﺎ ﺍﻧﺪَﮔﻮ " ( ﻃﺎﺭﺗﺎ ﻭﺍﻧﺸﻘﺘﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺮﻗﻌﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ) .ﻳﺘﻮﻟﻰ ﺃﻗﻮﻯ ﺍﻟﺤﺎﻣﻠَﻴْﻦ ﻣﺆﺧﺮﺗﻲ ﺍﻟﻘﺮﺑﺘﻴﻦ، ﻭﻳﺮﻭﻭﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻧﻌﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺑﻮﻩ ﻭﻫﻮ ﺑﻤﻌﺰﻝ – ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﺏ ﻣﻠﻴﺎ - ﻓﺒﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﺼﺎﺩﻓﻪ ﻳﺴﻘﻲ ﻗﺮﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻬﻞ، ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺎﻥ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻻﺑﻦ ﺃﻥ ﻳﻠﻲ ﻣﺆﺧﺮﺍﺗﻬﺎ ﻓﻨﺤﺎﻩ ﺍﻷﺏ ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺑﺎﻗﺘﺪﺍﺭ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻻﺑﻦ : " ﺍﮔﻄﻌﺖ ﺁﻥَ ﻣﻮﻝ ﺍﻟﺘﺮِﻛَﺔ "!
( ﻳﺌﺴﺖ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﻧﻴﻞ ﺍﻟﺘﺮﻛﺔ ) ﻓﺬﻫﺐ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺜﻼ .
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻗﻮﻳﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺮﺑﺘﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺘﻴﻦ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻭﺿﻌﺖ ﻗﺮﺑﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ( ﻳﺴﻤﻰ ﺫﻟﻚ ﺃَﺛَﻼَّﺙ ) ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﺭﻛﺐ ﺻﺒﻲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺟﻠﺴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﻳﺘﻘﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﺏ ﺍﻹﻗﻌﺎﺀ ﺣﺒﺎ ﻓﻲ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ .ﺳﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺮﻫﺎ "" ﻭﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻖ !