أحدثت الاستقالة المفاجئة لنائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، النائب البرلماني، محمد غلام ولد الحاج الشيخ زوبعة سياسية وإعلامية مدوية في موريتانيا؛ خاصة في هذه الظرفية المتميزة التي تتسم بحراك سياسي متسارع في ظل تجاذبات غير مسبوقة على خلفية إصرار السلطة على تنظيم استفتاء شعبي لتمرير تعديلات دستورية على أساس مطعون في شرعيتها من طرف أحزاب المعارضة.
ورغم أن السبب المعلن لاستقالة الرجل الثاني في حزب «تواصل» الذي يمثل الإطار السياسي لإسلاميي موريتانيا، هو اعتراضه على تعيين وزير الخارجية الأسبق، في عهد الرئيس معاوية ولد الطائع، أحمد ولد سيد أحمد الذي يعتبره العديد من الموريتانيين مهندس العلاقات مع إسرائيل؛ إلا أن بعض المحللين السياسيين يرجح أن يكون لقرار الرجل دوافع أخرى، من ذلك على سبيل المثال، تضاؤل فرص خلافته لرئيس الحزب، محمد جميل ولد منصور، الذي تنقضي عهدته نهاية العام الجاري وتمنعه النصوص التنظيمية الأساسية من الترشح لعهدة أخرى.
غير أن استقالة النائب محمد غلام، بصرف النذر عن دوافعها ومبرراتها، تَخَلَّق أزمة مؤسسية حادة على مستوى رئاسة حزب «إخوان موريتانيا»، نطرا لكون الرجل هو آخر نائب للرئيس ولد منصور ، بعد إستقالة النائب الثالث للرئيس و المرشح القوي لخلافة ولد منصور السالك سيدي محمود، لمنصبه منذ قرابة سنتين ، فيما يوجد النائب الأول للرئيس عمر الحاج محمود با، منذ أشهر، خارج البلاد للعلاج.
وضعية يزيد من حدتها انشغال ولد منصور بمهامه الجديدة على رأس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة؛ أكبر تجمع للمعارضة السياسية في موريتانيا، خاصة في هذه الظرفية الدقيقة من التأزم في العلاقة بين السلطة والمعارضة، والتي باتت مرشحة لمزيد من التعقيد والانسداد..