تسببت الصورة التي التقطها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحالة من الجدل الواسع في وسائل الإعلام المصرية، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ظهر ترامب جالساً بينما أبقى ضيفه السيسي واقفاً خلافاً للتقاليد الإنسانية والدبلوماسية المعمول بها.
واعتبر الكثير من المصريين أن المشهد يمثل إذلالا للسيسي وإهانة له، فيما نفى آخرون أي معنى للمشهد، خاصة وأن الكثير من الأشخاص كانوا وقوفاً إلى جانب السيسي، بينما ظل ترامب وحده جالساً.
وكثَّف إعلاميون موالون للسيسي جهودهم في تبرير الصورة وقالوا إنها لا تخالف البروتوكول بل تدل على المودة، قائلين إن رئيس الوزراء الكندي وقف تلك الوقفة لدى زيارته الأخيرة لواشنطن، متهمين الإخوان المسلمين بأنهم يقفون وراء انتقاد السيسي بسببها.
واللافت في الصورة أنه لم يتم نشرها من قبل أي وسيلة إعلام مصرية ولا حتى أمريكية، وهو ما يرجح فرضية أنها تمثل إهانة للسيسي، وإنما قام ترامب ذاته بنشر الصورة عبر حسابه على «تويتر» وهو ما أثار ضجة في مصر، وتسبب في انتقادات واسعة للسيسي الذي ارتضى لنفسه أن يقف في صف موظفي البيت الأبيض، بينما ظل الرئيس ترامب جالساً على الكرسي متجاهلاً الرئيس الضيف.
واستنكرت الناشطة السياسية، إسراء عبدالفتاح، الصورة، وأعادت نشرها عبر حسابها على موقع «تويتر» حيث اكتفت بالتعليق عليها قائلة: «يا خسارة يا مصر».
أما الناشط السياسي والأستاذ في جامعة حلوان الدكتور يحيى القزاز الذي كان ضمن جبهة الانقاذ وأحد رموز تظاهرات 30 حزيران/يونيو ضد الإخوان فشن هجوما عنيفا على السيسي بسبب الصورة التي اعتبرها مهينة، واصفا السيسي بأنه «جلب المهانة والذل» لنفسه ولمصر. وطالب القزاز بمحاكمة السيسي لتسببه في إحراج مصر والقوات المسلحة، ووصفه بأنه «خادم لترامب وقزم قزَّم مصر وعمل على تآكل محيطها حتى انكفأت على وجهها».
أين الخطأ في الصورة؟
كما شنَّ الناشط السياسي ممدوح حمزة هجوما مماثلا على السيسي وأرفق بالصورة تغريدات بموقع «تويتر» قال فيها: «السيسي واقف انتباه وسط موظفي البيت الأبيض، وترامب جالس على مكتبه». ونشر صورة للملك فاروق جالسا والملوك العرب واقفون، وأضاف قائلاً: «وزير الخارجية اللي فاهم البروتوكول أدار وجهه ظنا منه أنه لن يظهر». وتابع: «أين الخطأ في الصورة؟ الإجابة: فيها رئيس جمهورية لا يدري أو يعي قيمة بلده، وأنها أعرق من أي دولة علي وجه الأرض».
وقال القيادي في حزب الكرامة تيسير كمال في تصريحات صحافية إن الصورة تظهر السيسي كأنه أحد أفراد موظفي إدارته ما يجسد واقع العلاقات المصرية الأمريكية منذ السبعينيات وحتى الآن، حيث تعاملت الولايات المتحدة مع مصر باعتبارها أداة لتنفيذ سياستها في المنطقة، وليست دولة مستقلة تتعامل معها على مستوى الندية. واستنكر أن يكون العنوان الدائم الحاضر في اللقاءات المصرية الأمريكية هو مكافحة الإرهاب، خاصة أن واشنطن «مسؤولة بشكل كبير عن صناعة ودعم التنظيمات الإرهابية» على حد قوله.
وعلّق الكاتب الصحافي وليد الشيخ، فقال: «عايز تعرف كارثية الصورة.. بص على رد فعل وزير الخارجية المصري فيها» مشيرا إلى عدم نظر سامح شكري للكاميرا لحظة التقاط الصورة.
ووسط موجة الانتقادات والغضب على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر من الصورة التي نشرها ترامب، فقد تسابقت وسائل الإعلام التقليدية المقربة من النظام إلى تبرير الصورة والدفاع عن السيسي، حيث وصفها عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الداعية خالد الجندي خلال برنامجه «لعلهم يفقهون» بأنها «صورة مشرفة لمصر» وقال إنها «أعادت لمصر هيبتها».
وتابع الجندي: «إحنا بقينا نتابع الزيارة كما لو كنا فى حفل أو عيد» وأضاف: «الله يرضى عنه الرئيس الجميل اللي خلَّى أيامنا كلها أشبه بالعيد، اللي مطول رأسنا، ورافع أقدارنا، بابتسامته وهدوئه».
كما حاول أحمد موسى تبرير الصورة عبر قناة «صدى البلد» بقوله: «الصورة عادية، وبتحصل طبقا للبروتوكول، المهم في الأمر أن ترامب طلب أن السيسي يبقى بجانب مسؤولي البيت الأبيض، الصورة تؤكد أن البلدين بقوا إيد واحدة، وبيشتغلوا مع بعض».
وأضاف: «ترامب استقبل الرئيس بحفاوة شديدة، ولم يحدث ذلك من قبل»، وتابع أن «عناصر جماعة الإخوان، استغلت الصورة في محاولة تشويه زيارة رأس الدولة المصرية للولايات المتحدة، ومدى حفاوة الاستقبال التي حظي بها من نظيره الأمريكي» على حد تعبيره.
الحديث بالعربية
إلى ذلك وجهت الكاتبة المصرية غادة شريف نقداً للرئيس السيسي بسبب حديثه بالعربية خلال لقائه ترامب، وكتبت تدوينة على «فيسبوك» قالت فيها إنها «مكسوفة من السيسي».
وأضافت: «الله يرحمك يا سادات. كان يتحدث الإنكليزية بطلاقة تشعرنا بالفخر.. وكذلك مبارك كانت لغته الإنكليزية قوية؛ والاثنان لم يحتاجا لمترجم في لقاءاتهما بالرؤساء الأجانب».
وتابعت: «اللغة الإنكليزية أصبحت مثل الماء والهواء ما ينفعش إن حد بمنصب كبير ما يكونش بيجيدها.. وجود المترجم وهو يترجم من الإنكليزية للعربية لرئيس بلادي، ثم الرئيس يتحدث بالعربية وليس بالإنكليزية مثل السادات ومبارك.. المشهد يكسف».
القدس العربي