"نواذيبو" تلك المدينة الشاطئية الزاخرة بأغنى وأجود ثروة سمكية من بين مدن العالم تفيق من غفوتها بعد أن عاشت عقودا من التهميش واللامبالاة، كادت أن تحولها إلى مدينة أشباح.
غادرت الأنظمة البائدة حاملة معها فشلا ذريعا في انتشال المدينة من واقعها المزري، الذي أوصلها لمرحلة من التخبط كادت أن تعصف بكينونتها.
كان وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم مدعوما بقوة الشعب، كفيلا برسم سياسة ممنهجة ومعقلنة لطمس معالم تراكمات الماضي السحيق، والنهوض بالعاصمة الاقتصادية لمصافي العواصم العالمية.
ولأن العمل على صناعة عاصمة اقتصادية من شبه العدم يقتضي جهودا جبارة فقد كانت البداية باستحداث بنية تحتية للمدينة الخالية تماما إلا من شارع تكالب عليه سوء المظهر بقدم الإنجاز وانعدام الصيانة، فتم بناء شبكة طرق معبدة وراقية تربط كافة أحياء المدينة بعضها ببعض، وتم توفير الماء الشروب بعد أن كان الحصول على قطرات ماء صالحة للشرب يقتضي السفر إلى نواكشوط، وتبدد الظلام ليتحول ليل المدينة إلى نهار بعدما عاشت عقودا من الظلام بسبب انعدام وتهالك شبكة الكهرباء الموجودة بها والتي لا تكفي حينها إلا لإنارة حي واحد مما يقتضي مبادلتها بين أحياء المدينة، وتم تشييد مستشفيات تخصصية مجهزة بأرقى وأحدث الأجهزة والطواقم الطبية، بعدما كان علاج جرح بسيط يلزم صاحبه السفر إلى العاصمة السياسية رغم بعد المسافة، وكان الختام مسكا فتحولت المدينة المهمشة إلى منطقة حرة تستجلب مستثمرين من شتى بقاع العالم، وتدشن مشاريع عملاقة توفر فرص عمل كبيرة للمواطنين وتدر أرباحا مذهلة على الدولة، لتتحول نواذيبو إلى جوهرة الإقليم.
سياسة كان لها مفعولها على ساكنة المدينة الذين ثمنوها، واعتبروها معجزة لم تكن لتخطر لهم على بال، وحلما تحقق في فترة وجيزة وبأياد وتمويلات وطنية.
ولأن الإنجازات تصنع المواقف، والمواقف تسجلها الولاءات الحزبية، والولاءات الحزبية مربوطة بفن التعامل مع الأحداث فقد استطاع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أن يجند كافة ساكنة مدينة نواذيبو لتصبح المدينة إحدى أهم معاقل الحزب التي يعتمد عليها في مشروع بناء دولة عظيمة ذات استقرار سياسي واقتصادي مبني على أسس علمية مدروسة، بعيدا عن سياسات الماضي السحيق.