لطالما شجبتم سياسة الفساد التي تنخر جسد الدولة، و تعهدتم في أكثر من خطاب بالقضاء على هذا الوباء، وإقصاء أصحابه .. واستبعادهم من مناصب الدولة و من تسيير الشؤون العامة ..
وفي هذا السياق، أود أن ألفت انتباهكم باسم أهل ولاته عموما، و باسمي شخصيا، كمواطن من أهل المدينة ، أن مدينة ولاته تعاني منذ فترة ليست بالقصيرة من سوء تسيير مجحف، ومتحيز، ومقلق لكافة سكان المدينة التاريخية.
سيدي الرئيس
لقد زرتم ولاته ذات ضحوة من عيد المولد النبوي الشريف، لسنة 2014..
رأيتم جمال المدينة الخالدة، وبهاءها ورونقها وحفاوة أهلها.. كما شهدتم على حضارتها .. وعلى الذوق الجمالي والفني لأهلها ..
لكن المدينة اليوم، تلفظ أنفاسها الأخيرة : سواء على مستوى تسيير الشؤون الإدارية في المقاطعة، أو على مستوى الظروف المعيشية القاسية، التي تعذّب سكان المدينة.
يمكن اختصار الظروف البائسة للمدينة التاريخية، في ثلاث مشاكل رئيسة تحتاج كلها إلى التدخل العاجل منكم، ياسيادة الرئيس.
المشكلة الأولى : مشكلة الماء
من أجل ترشيد الماء في المدينة وتحسين تسييره ، توزعت مدينة ولاته إلى سبعة أحياء. لكل حي منها شِرب يوم معلوم. وبالمدينة خزانان اثنان للماء الشروب : أحدهما سعته تترواح من عشرين إلى 25 طن. وهذه السعة لا تكفي لحي واحد. لكن الساكنة تحاول – قدر الإمكان أن تتكيف مع الوضع القائم.
أما الخزان الثاني ، فتشرب منه ماشية أهل المدينة . وفي فصل الصيف ، اتفق الناس على استخدامه للإستهلاك البشري ، لئلا يصاب الضعفاء مهم بالعطش والمرض. لكن ممثل السلطة العمومية في المقاطعة ، يقول السكان أنه منع المواطنين من استعماله لحاجياتهم الأساسية.. واستأثر به هو وحاشيته؛ ففي كل يوم تأتي سيارة وتأخذ منه ما يزيد على 12 طن على أقل تقدير ، وتحرم باقي المواطنين من الماء.. هذا النوع من الإستئثار وسوء التسيير، هو ما أشعر ساكنة المدينة بالظلم والإشمئزاز من هذا السلوك المجحف الذي يقوم به حاكم المقاطعة.
واليوم ، يجد السكان أنفسهم محرومين من الماء الشروب في فترة القيظ هذه التي تشهدها المدينة وأهلها.
المشكلة الثانية : مشكلة القطع الأرضية
عند مدخل المدينة ، توجد مجموعة من القطع الأرضية متناثرة هنا وهناك ، لم تكن بذات أهمية في ما مضى... لكن تقلب الزمن جعلها مطمعا للبداة ، وبعض النافذين من أفراد الحرس العاملين بالمدينة.
ولما رأى ضعفاء المدينة وسكانها الأصليون أن أرضهم تُنتشل من أياديهم ، أرادوا التدخل في الأمر، وجاء بعضهم وبنى بيتا، وبعضهم اكتفى بوضع شيء من الطين كإشارة إلى البناء... كل ذلك دون شرع قانوني ولا أي ترخيص من حاكم المقاطعة. هذا الأخير، رخص في النهاية، وبشكل شفوي (حسب آراء السكان) ، لبعض ملاك الحيوان بأن يبنوا في هذه القطع الأرضية التي " كزرها" السكان المحليون. عندها، شعر الولاتيون بالظلم والإجحاف – تماما كما حصل في قضية الماء -. ثم هبوا إلى الحاكم وطالبوه بإنصافهم والترخيص لهم بالبناء، وكان جوابه (حسب رأي السكان) أن ملاك الحيوان ضعاف ولهم الحق ، قبل أي مواطن آخر ، في البناء في هذه القطع الأرضية. أجاب سكان المدينة أن لا أحد أشد ضعفا ولا أحوج في بناء الأرض منهم. تصامم الحاكم عن آرائهم، ومضى في قراره. وبقي المشكل معلقا غير محلول إلى اليوم.
المشكل الثالث : مشكل دكاكين " أمل"
في المدينة ثلاثة دكاكين تابعة لمشروع " أمل" المشهور.
الإشكال هنا : هو أن المواطنين لا يستفيدون إلا من دكان واحد، والإثنان الآخران – يقول السكان – أن السلطة العمومية ، والحرس تستأثر بهما. بل وصل الأمر، إلى اتهام الناس لبعض النافذين من الحرس بالتجارة في بضاعة هي مخصصة أصلا لضعفاء المواطنين الذين يرتادون دكاكين أمل.
خلاصة
سيدي الرئيس :
ما يريده السكان هو ثلاثة أمور:
إرسال لجنة تفتيش تقوم بتقصي الحقائق في ما يجري ، فتستطلع وتجمع آراء الناس وشكاواهم حول القضايا الثلاث الآنفة الذكر (قضية الماء، وقضية القطع الأرضية، وقضية دكاكين الأمل) .. ثم تسمع اللجنة رأي حاكم المقاطعة نفسه حول هذه القضايا.. بعد ذلك تصدر السلطات العليا رأيها في المشكل. فإن ثبت تورط الحاكم في قضية الفساد، تفضلتم – سيدي الرئيس- بعزله عن المدينة وإحلال آخر في محله، يكون أكثر إنسانية وأخف وطأة على السكان منه ... وإن ثبتت براءة الحاكم ، غفرنا له ذلك .. و بحثتم للناس عن حل منصف ودائم لمشكلة الماء التي طالما أرقت مضاجع السكان عند مقدم كل صيف.
تعجيل إدخال شبكة مشروع " اظهر" إلى المدينة ؛ فلا يُعقل أن تصل أنابيب هذه الشبكة إلى مناطق أخرى أقل عددا من سكان ولاته ولهم آبار يستغنون بها عن الماء، في حين أن ولاته ذات الكثافة السكانية العالية والتي لا آبار بها، لم تُزوّد حتى الآن بأنابيب المشروع الجديد.
أن تضعوا الدكاكين الثلاث – دون استثناء أي واحد منها – بين يدي المواطنين البؤساء، وأن تضعوا حدا للفساد الذي يقوم به بعض أفراد السلطة العمومية في تسيير دكاكين أمل.
مطالبنا ليست تعجيزية ، وبسيطة جدا. وبانتظار حلول سريعة لمشاكلنا، تقبلوا – سيدي الرئيس- منا كل الإحترام والتقدير. وشكرا
المهندس محمد عبد الله ولد المرواني