شبكة الإعلام العربية\ لم يكن إرسال الحكومة الموريتانية، عددا من جنودها إلى جمهورية كوت ديفوار، مؤخرا، حدثا عارضا، إذ أنه حمل بين طياته ملامح السياسة الموريتانية في الفترة المقبلة، وسعي نواكشوط إلى الانخراط في جهود لإرساء الاستقرار ومكافحة الإرهاب بالقارة، وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء، حسب خبراء موريتانيين.
وقال المحلل السياسي والخبير بالقضايا الأمنية بمنطقة الساحل، أحمد ولد محمد المصطفى، في تصريحات للأناضول، إن “محفزات الطموح الموريتاني للمشاركة في القوات الدولية بالمنطقة والانخراط في أي جهد عسكري وأمني يهدف لمواجهة تحديات الإرهاب، تكمن في عدة عوامل من أبرزها تقديم نواكشوط لنفسها كلاعب عسكري مهم في منطقة فضاء الساحل والصحراء”.
وتطرح موريتانيا نفسها كلاعب سياسي وعسكري في المنطقة، مستندة لـ”تجربتها الناجحة” في مواجهة الحركات الإرهابية، على حد قول ولد محمد المصطفى.
وتمكنت موريتانيا في السنوات الأخيرة، من القضاء على خطر الجماعات الإسلامية المسلحة، بعد تفكيكها واعتقال قيادتها، وذلك بعد أن شنت تلك الجماعات كثيرا من الهجمات التي أوقعت قتلي في صفوف بعض العسكريين وعناصر الأمن.
ولد محمد المصطفى قال أيضا للأناضول إن “موريتانيا باتت تحرز مواقع قيادية في المبادرات الإقليمية والأفريقية بفعل تنامي مخاطر التحديات الأمنية بالمنطقة”، مضيفا أنها “باتت تنتهج سياسية تسويقية لتجربتها في مجال محاربة الإرهاب وذلك للاستفادة من استدرار التمويلات الأجنبية التي تقدمها الدول الغربية للبلدان الإفريقية المستعدة للعب أدوار عسكرية في مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة بأفريقيا”.
ولفت الخبير الموريتاني إلى أن نواكشوط ستستفيد من رئاستها الحالية للإتحاد الأفريقي من أجل توفير غطاء لنشر وحداتها العسكرية بمناطق النزاع المتوترة بإفريقيا، لتقليل ضغط الرأي العام الشعبي المعارض لنشر قوات موريتانيا بالخارج”، على حد قوله.
وفي مقال بصحيفة هفنجتون بوست، نشر الأسبوع الماضي، قال الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، إن الإرهاب يعتبر تحديا حقيقيا بالنسبة لإفريقيا”، وأضاف أن “الحرب على الإرهاب والجريمة المنظمة تتطلب من الجميع يقظة دائمة”، مشيرا أن “الأحداث الأخيرة في مالي والسودان وليبيا ونيجيريا وكينيا والصومال تثبت أن الإرهاب مشكلة عامة لابد للجميع من احتوائها”.
من جهته، قال الصحفي محمد جوب، الخبير بشؤون منطقة الساحل، لوكالة الأناضول، إن “مناطق التدخل المحتملة للجيش الموريتاني ستكون من بينها دول كمالي المجاورة ودولة أفريقيا الوسطى”، مشيرا إلي أن “الرئيس الموريتاني لم يستبعد في تصريحات إعلامية سابقة أن تلعب موريتانيا أدوارا عسكرية في البلدين، إذا ما طلبت منها القوات الأممية هناك التدخل”.
وتوقع جوب، نائب رئيس تحرير موقع “لوكوري دي صحرا” الناطق باللغة الفرنسة، أن يكون للقوات الموريتانية دور كبير في قوات التدخل السريع الإفريقية، التي تم الإعلان عن إطلاقها مطلع العام المقبل، كأحد مخرجات القمة الإفريقية التي عقدت في جمهورية غينيا الاستوائية في يونيو/ حزيران الماضي.
وقبل يومين، ثمَّن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في غرب إفريقيا، سعيد جنيت، الدور الذي تقدمه الحكومة الموريتانية في الإسهام لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما أشاد الرئيس الرواندي السابق والمبعوث الحالي للاتحاد الإفريقي لمنطقة الساحل، بيير بويايا، بالدور الذي تلعبه موريتانيا على مستوى القارة وخصوصا في معالجة أزمة الساحل الأمنية.
وفي وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية، قال مصدر عسكري موريتاني إن قوة عسكرية توجهت يوم الجمعة إلى كوت ديفوار للمشاركة في قوات حفظ السلام الأممية.
وأضاف المصدر العسكري، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن “القوة تتكون من 140 عسكريا من رتب مختلفة ومن قطاعات عسكرية متعددة (الجيش، والدرك)”.
وبحسب نفس المصدر، “ستساهم القوة في إنجاح مهمة قوات حفظ السلام الأممية بساحل العاج من خلال المشاركة في حفظ الأمن وفي تكوين الوحدات العسكرية والأمنية للكوت ديفوار وتأمين المنشآت والمقار التابعة للأمم المتحدة والإشراف على نزع أسلحة المتمردين”.
ووقفت موريتانيا وراء مبادرة لتأسيس مجموعة الخمسة من أجل تنمية واستقرار دول الساحل، وهي المجموعة التي رأت النور في فبراير/شباط الماضي في نواكشوط وتتكون من خمس دول إفريقية، هي موريتانيا والنيجر ومالي وتشاد وبركينا فاسو، وتعني بمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل وذلك من خلال التدخل العسكري والتنسيق الأمني.
وفي مايو/ايار الماضي، حقق الرئيس الموريتاني بعضا من طموحات التكفل بدور في الوساطة حينما تمكن من حمل الحكومة المالية وحركات التمرد على توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار.