مأمورية الحوار والمصالحة ؟ / إسلمو ولد سيدي أحمد

خميس, 2014-08-14 13:30

 في الخامس من شوال 1435ه/ الثاني من أغسطس 2014م، نُصِّبَ السيد/ محمد ولد عبد العزيز، رئيسًا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، لتولِّي مأمورية ثانية تمتد خمس سنوات.

ومن المصادفات المقلقة أن هذه المأمورية تأتي في ظرف غير مريح- سياسيا- على المستوى الداخليّ، ومضطرب-عسكريا وأمنيا واقتصاديا  وأخلاقيا- على المستوى الدوليّ. فعلى المستوى الأول، تجاذبات سياسية-طال أمدُها- تلقي بظلالها على مختلِف أوجه الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتنموية...وعلى المستوى الثاني، حروب مدمِّرة "اختلط فيها الحابل بالنّابِل" تتجسد في صراعات مسلحة عبثية أتت على الأخضر واليابس ولا أحدَ يستطيع التنبؤَ بمآلاتها، انقلابات عسكرية، قلاقل اجتماعية متعددة التمظهرات وتناحر بين طوائف المجتمع وفئاته وشرائحه داخل القُطر الواحد، مَجاعات، انتشار أمراض فتاكة وعودة أخرى إلى الوجود بعد أن تم القضاء عليها، ظُلم وقهر وإذلال  للإنسان في كل مكان من المعمورة، نُذر تلوح في الأفق توحي بمخطط جديد لتقسيم العالم وتغييرحدود دول مستقلة وتقسيم الدولة الواحدة إلى دُوّيلات، تحالفات جديدة وتصدّعات وانشقاقات هنا وهناك...ومظاهر وتجليات هذه اللوحة السوداء لا تخطئها العين.

وفي هذا الوضع الخطير المنذر بالأسوإ، يجب على السياسيين الموريتانيين(موالاة ومعارضة)أن يجعلوا المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، ممّا يقتضي الدخول في حوار جادّ ومسؤول وهادف يفضي إلى الاتفاق على طريقة مُحكَمة وفاعلة لتسيير شؤون الدولة في هذا الظرف الحَرِج، محليا وجهويا ودوليا.

ولعلّ من أهم النتائج المتوخاة من هذا الحوار، إن قُدِّرَله أن يرى النورَ، ما يأتي:

أولا: التركيز على المستقبل وتجاوز مرحلة التجاذبات السياسية التي أضرّت بالبلد، والتي اشتدت حدتها بعد التغيير الأخير غير الدستوريّ الذي عرفته بلادنا، ضمن سلسلة الانقلابات العسكرية التي نُفِّذت حلقتُها الأولى في العاشر من يوليو سنة 1978م. مع الإشارة إلى أن هذه التجاذبات توحي بعدم الاستقرار في البلد، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المستثمرين يترددون في التوجه إلى بلادنا، مخاطرين بأموالهم، فرأس المال "جَبان". ولا يختلف اثنان على أنّ التنمية-في مفهومها العام-تُعَدّ أولويةَ الأولويات. وللوصول إلى الهدف المنشود، وعلى أساس"لا غالب ولا مغلوب"، ينبغي للمعارضة أن تقدم بعض التنازلات التي تخدم لحمة المجتمع وتماسك الجبهة الداخلية، دون التخلي عن المبادئ الأساسية التي تناضل من أجلها. وعلى الدولة كذلك والرئيس والحكومة ومن والاهم، أن يقدموا التنازلات الضرورية لتحقيق هذا الهدف النبيل، وعليهم يقع العبء الأكبر في ذلك لأنهم يمارسون السلطة ويتحكمون في تسييرالمؤسسات.

ثانيا: إنّ من مصلحة الرئيس المنتخب لمأمورية أخيرة(حسَب الدستور)، أن يبدأ تنفيذ برنامجه الانتخابيّ في مناخ ملائم، ممّا يتطلب تنقية الأجواء السياسية، والتعاون الإيجابيّ مع كل الفاعلين في المجتمع. ومن مصلحة الرئيس كذلك، أن تنتهي مأموريته-بعد خمس سنوات- والبلد في حالة استقرار سياسيّ يسمح لجميع المواطنين بالمساهمة في عملية التنمية الشاملة، تمهيدا-مستقبلًا- لانتخابات رئاسية دورية، نزيهة وشفافة، يعترف جميع الفرقاء السياسيين بنتائجها، تضمن التناوب السلمي على السلطة، وتجري في جو يطبعه التفاهم التام والتعاون المثمر والتنافس الشريف.