تأميم التعليم الخصوصي خطوة أكثر من إيجابية ولكن / عثمان جدو

جمعة, 2017-05-12 12:00

مما لا شك فيه أن التعليم الخصوصي ينظر إليه على أساس أنه عامل مساعد وعنصر مكمل للتعليم العمومي لما له من خلق للتنافسية الإيجابية والتحفيز على الجودة العالية؛

لكن في بلادنا لم يكن التعليم الخصوصي خلاقا للجودة ولا محفزا إيجابيا وإنما كان أداة هدم للتعليم العمومي من خلال مجموعة من العوامل منها مثالا لا حصرا:

-تبديد جهد المدرسين:

إن من أظهر عوامل هدم التعليم التشويش على المدرسين في المدارس النظاميةوجرهم إلى تعاقدات غير معلنة يكون الضحية فيها ذلك التلميذ البريء سواءكان في النظامي أم في الخصوصي، ففي النظامي لا يجد التلميذ ساعات التدريسالكافية ولا التركيز المطلوب في المدرس و لا المتابعة الكفيلة بتحقيقالتعلم النوعي؛ لأن الوقت والجهد متقاسمين مع مدارس أخرى؛ وطبعا قسمةضيزي، لأن التركيز والجهد إن وجد منهما شيء سيوجه أكثر إلى المدارسالحرة؛ لأنها تدفع مقابل الساعة، لكنها تدفع لمن!؟؛ لذلك المدرس الذيتخلف عن تلامذته أو تحايل على حصصهم أو بذل جهدا مضنيا وقت الراحة؛وأوقات الراحة طبعا لا تعوض بأوقات العمل.

-إجراء ولد ميتا:

لقد سبق وأن حاولت إدارة المصادر البشرية بوزارة التهذيب السيطرة علىالوضعية من خلال الوقوف على لوائح المدرسين في المدارس الحرة لكنها عجزتبفعل التحايل وتحويل الأسماء والمغالطات من أجل التغطية على المدرسينالنظاميين الذين تقف على جهدهم حقيقة التدريس في المدارس الحرة.

-فوضى المناهج التربوية:

إن من أدوات الهدم التي تعرض لها التعليم؛ عدم تقيد التعليم الخصوصيبالمنهج التربوي المعد من طرف هيئات الاختصاص بوزارة التهذيب والمعمول بهرسميا في مدارس الدولة؛ فمثلا يعتمد نظام التعليم في الجمهورية الإسلاميةالموريتانية على منهجية خاصة تحدد آلية العمل وتوزيع البرنامج الذي يمنعتدريس اللغة الفرنسية على السنة الأولى ابتدائية ويكتفي بتدريس ست ساعاتفقط في السنة الثانية ابتدائية، لاعتبارات معينة، بينما نجد في الوقتذاته كثير من المدارس الحرة تعمد إلى تدريس أربع عشرة ساعة من اللغةالفرنسية للسنة الأولى ابتدائية، دون التقيد بالمنهج المنجز من طرفالوزارة عن طريق المعهد التربوي الوطني، بل منهم من يدرس مناهج بعيدة كلالبعد عن ثقافتنا وتشبعنا وميولنا الديني.

إن إعداد أي منهج تربوي تُراعى فيه مجموعة من الاعتبارات والخصوصيات يعهدبها عادة إلى ذوي الاختصاص؛ الذين لا ينبغي القفز على إنتاجهم الذي بُذلفيه جهد فكري كبير وطاقة مادية هائلة؛ بدءا بإعداد المناهج؛ انطلاقا منالتصور إلى الإخراج، بل بالأحرى؛ الإيصال إلى يد التلميذ في مختلفمقاطعات الوطن.

-الاعتماد على أفكار غير الخبراء:

لقد ضرب كثير من رعاة المدارس الحرة عرض الحائط بكل تلك العصارات الفكريةو الجهود المادية والمعنوية المبذولة في إعداد الكتب وطباعتها وتوفيرهابطريقة رمزية؛ خدمة للعملية التربوية وصاروا يدرسون مناهج فردية في أحسنحالاتها تكون مذكرات تفتقر إلى الشمولية والدقة في الإحاطة والمعالجة؛وطبعا يرغمون التلاميذ التابعين لهم على تصويرها عند وراقات محددة وضعوهافي هذه المدارس أو بجوارها استزادة في التربح والمغنم!!؛

-تزوير نتائج التلاميذ لضمان الولاء والاستمرار:

لا تقل خطورة تزوير نتائج التلاميذ عن ما تقدم ذكره من سلبيات؛ وطبعايخيل إلى الأهالي دوما أن أبناءهم المسجلين في المدارس الحرة من النابهينوالمثاليين، وهو وهم وزيف لا يدركونه غالبا إلا إذا اصطدم أبناؤهم معأجواء المسابقات، وأقول المسابقات أو الامتحانات التي تحمل نفس الخصائصكشهادة ختم الدروس الإعدادية أو الباكلوريا وكان ذلك بعيدا عن تدبيرأولئك المستثمرين في هذه اللعبة الكبرى؛ الذين غالبا ما ينجحون في توزيعالتلاميذ فاقدي المستويات بين النابهين من أجل حملهم إلى التجاوز والحصولعلى الشهادات واستمرار المغالطة.؟!.

-إيجابية القرار:

كل ما تقدم يجعل من القرار أو المقترح الذي تقدمت به الحكومة أكثر منإيجابي إذا تم التخطيط الجيد للولوج إليه؛ وتم تجاوز الأصوات المعارضة لهداخل القطاع والتي تنحصر في المستثمرين المنافحين عن روافد ريعهم منهوتربحهم على حساب الوطن *المنهوب*؛بهكذا سلوك، والمواطن *المقهور* بهكذاأسلوب.. معروف أن هذا القرار قسّم الفاعلين في الحقل التربوي إلىفسطاطين:

-فسطاط تأييد ومساندة وتحمس للفكرة لما لها من إيجابية ولما للتنظير فيهذا التيار من براءة الذمة الاستثمارية ونظافة الأيدي من التلطخ.

- الفسطاط الثاني فسطاط رفض هذا  المقترح جملة وتفصيلا لكونه يهددالمصالح الاستثمارية لهؤلاء النشطين في المجال الخصوصي للتعليم.

إجراءات ضرورية لنجاح الخطوة وضمان إيجابية القرار:

قبل أن ترسو سفينة القرار الحكومي على أحد الشاطئين المختلفين ويتضحانتصار رواد الاستثمار أم حصول العكس ومباركة خيار دعاة الوطنية ومتحرريالأفكار؛ يجب الابتدار بخطوات من قبيل بناء حجرات إضافية في كل مدرسةابتدائية ودمج العقدويين أو زيادة نسبتهم واحتواء المؤهلين من المدرسينوالإداريين في التعليم الخاص؛ مع أن أغلب المشتغلين في هذا المجال هموافدون من التعليم العمومي بصورة مؤقتة؛ المهم أن يحدث التخطيط الجيد،والتنظيم المحكم، والصرامة في تطبيق القرار؛ إن هو اعتمد والمضي قدما فيتنفيذه.