قال ابن القيم رحمه الله " من اسباب السعادة الشجاعة فان الله يشرح صدر الشحاع بشجاعته واقدامه ."
يصادف اليوم مرور سنة كاملة على رحيل المرحوم الشهيد الشجاع محمد عبد العزيز رحمه الله واحسن مثواه وابقى في الصالحين ذكراه ، وهي لعمري ذكرى اليمة ذلك ان المرحوم كان من طينة نادرة من الرجال فقد كان بطلا شجاعا قويا حتى في احلك الظروف خلال الثمانية وستين سنة التي عاشها والتي كانت كلها تضحية ونضالا من اجل الشعب الصحراوي فقد غادر الفتى اليافع مقاعد كلية الطب من اجل صعود الجبال مجاهدا ضد الاستعمار الاسباني متحملا الكثير من الصعوبات وقاهرا المستحيل من اجل استقلال شعبه وظل مقاتلا في الميدان حتى استدعاه الشعب لتحمل مسؤولية قيادة سفينته في اواخر سنة 1976 وهو حينها جريحا في جبهات القتال ضد المحتل المغربي.
تحمل قيادة المشروع الوطني الصحراوي طيلة اربعة عقود ما بدل ولا غير بل ظل ثابتا شامخا كالطود متصديا لاعتى العواصف التي تحاول النيل من هذا المشروع الصلب فكان شعاره الخالد هو " لا وجود ولا مستقبل للصحروايين الا في وطنهم الحر المستقل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية " .
من المعروف ان اول كيان جامع موحد للصحروايين في تاريخهم بقيادتهم وتنظيمهم هو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب التي اصدرت بيانها التاسيسي 10 مايو 1973 في ازويرات.
لقد كان عملا جبارا يحسب للنخبة من ابناء الصحراويين التي باشرت تاسيس هذا الكيان السياسي في ظروف صعبة جدا ولكن تحسب للشهيد محمد عبد العزيز قيادته وترسيخ قيمه واهدافه ومبادئه وتجاوز به المراحل التي تنتج عادة عن كل بداية خاصة في مجتمع متخلف شبه امي مثل المحتمع الصحراوي بداية السبعينات.
لقد كان الراحل صحراويا قحا يجمع كل مميزات سكان الصحراء من الشجاعة والصبر والجلد والصدق ولكنه كان قائدا عصريا قائدا يتمتع بكاريزما عالية تجعل الجميع يلتف حوله ويقدره ويهابه ، وكان ايضا رئيس دولة بامتياز وطد اركان الدولة وثبتها بقوة وحزم ، فاذا كان الشهيد سيد ابراهيم بصيري رحمه الله اول من نظر لحراك سياسي صحرواي جامع مقاوم للمستعمر من خلاله الحركة التي قادها وقمعت في المهد خلال انتفاضة الزملة 1970 وبعد ذلك مباشرة قاد الشهيد الولي مصطفي السيد رحمه الله واسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في 1973 واعلن الدولة سنة 1976 فان الشهيد محمد عبد العزيز رحمه الله هو من وطد اركان هذا الكيان الصحرواي وقاده نحو ما هو عليه حاليا ولاشك انه انجاز يحجز له مقعد بين العظماء الذين قادوا شعوبهم في ظروف صعبة بثبات وصبر وقليل ما هم .
وكان ايضا ذو معرفة كبيرة بمجتمعه وخصائصه ومميزاته ظل طيلة هذه السنوات اسدا هصورا مترفعا متعاليا يكاد يلامس الثريا في الاخلاص والصمود والايمان بحتمية النصر .
كان يهتم بمستقبل المنطقة ككل واستقرارها فقد سمعته مرات خلال لقاءات عديدة جمعته باطياف متنوعة من النخبة الموريتانية التي كانت تزور الدولة الصحراوية في مناسباتها الكبيرة داعمة ومتضامنة يحث الجميع على ضرورة التكاتف والتلاحم وبناء الوطن ويقول نحن حريصون جدا على تطور وتقدم واسقرار الجمهورية الاسلامية الموريتانية الشقيقة فهي عمقنا و استقرارها وتطورها هو استقرارنا وتطورنا ، وفعلا كانت نظرته رحمه الله بعيدة عميقة تسعى الى تطور المنطقة واستقرارها ودافع بشدة عن نظرته في البحث عن السلام ، فبقدر ماكان رجل حرب كان ايضا رجل سلام بامتياز .