تعتبر بجاية من بين المناطق السياحية الفريدة من نوعها على المستوى الوطني، التي تتوفر على مؤهلات سياحية جد معتبرة بمناظرها الطبيعية الخلابة وبشواطئها المتميزة وهي التي تزخر أيضا بآثار تاريخية تعود بكل من يقصدها إلى حقبة تاريخية جد بعيدة وقرون طويلة عبر الزمن.
تزخر بجاية أيضا بمؤهلات سياحية باطنية على غرار مغارة أوقاس الواقعة بداخل النفق القديم لمدخل هذه المدينة، إذ لا يمكن لأي زائر يدخل ولاية بجاية أن يغادرها دون أن يعرج على مغارة أوقاس التي فتحت مجددا أبوابها مؤخرا لتمنح رحلة مثيرة لزوارها في أعماق الأرض، بعيدا عن شواطئ البحر ليكتشف ما تخفيه من أسرار وعجائب، وبقدر ما تثير الدهشة في النفوس بقدر ما تبعث الرهبة لتهدي بذلك المغارة لزوارها أجمل وأروع المشاهد من خلال اكتشاف أسرار وعجائب ربانية تخزنها هذه المغارة على مر السنين.
وقد تم اكتشاف هذه الأخيرة من طرف عمال شركة دولية ايطالية-إسبانية سنة 1962 مباشرة بعد الاستقلال خلال انجاز أشغال شق النفق، وفي سنوات الثمانينيات قام مجموعة من الشباب بتنظيفها وتهيئتها لتتحول اليوم إلى قبلة للسياح والمصطافين تشرف على تسييرها السلطات المحلية بالمنطقة، التي قامت بتزويدها بالإنارة العمومية وخلق الأروقة والمسالك للتسهيل تنقلات ضيوفها وهم يتواجدون في أعماق الأرض.
فالزائر إليها ينتابه حتما نوعا من الخوف حين دخولها لكن سيتأقلم مع هذه المغارة ذات البعد العالمي، بمجرد بداية هذه الرحلة التي يقودها شباب من المنطقة تحولوا بمحض الهواية إلى مرشدين يرافقون زوار هذه المدينة الساحرة لاطلاعهم على صواعدها ونوازلها، دخول المغارة ليس أمرا سهلا للجميع، نظرا لضيق مدخلها وأول ما ينطق به مرشدنا "ممنوع التدخين والتقاط الصور" لأن الضوء والدخان يضران بالمغارة، وبمجرد الخروج من النفق الضيق تصادفك صخرة عملاقة معلقة بين السماء والأرض تخفي تحتها عجائب وأسرار كثيرة وبالداخل أيضا تماثيل غريبة صنعتها الآلاف من الصواعد والنوازل، إذ هناك تماثيل بصورة الأسد والقردة المجمدة فوق غصون الأشجار، فئران وتماسيح هائجة، يخيل للزائر أنها قد تفك القيد وتهجم عليه في غفلة، بالنظر إلى حجمها الضخم والمخيف في آن واحد.
كما يتواجد بالمغارة تماثيل يقال إنها لملكة ترفع تاجها الذهبي تعبيرا عن انتصارها على العدو ومن ورائها حشود وقوافل من الجيوش والفرسان، ويمر ضيوف المغارة بعد ذلك ببحيرة الأماني، قيل إن من تمنى أمنية في ذلك المكان ستتحقق، لتجد الكثير من المعجبين يرمون بعض النقود في هذه البحيرة لتتحقق أمانيهم، وهم يتواجدون على عمق أمتار عديدة تحت جبل يحمل من فوقه مقام "يما تاذرارث" المشهورة بالمنطقة، وبعد بحيرة الأماني تصادف الزائر الهضبة التعيسة التي يمنع النظر إليها كونها تجلب النحس لكل من رآها، لتنتهي الزيارة بمشهد أخير يجمع زوار هذه المغارة بفضاء أستوديو الأصوات العذبة التي تصنعها إحدى الصواعد بمجرد أن يضرب المرشد عليها لتهتز المغارة على رناتها النادرة وسط درجة حرارة جد منخفضة لكنها لطيفة.