هو قارب مسجل في تانزانيا يحمل اسم sesaul1 حاول الرسو في ميناء داكار يوم الـ15 أغسطس الجاري، لكن اكتظاظ الميناء أرغم طاقم القارب على التوقف على بعد 10 كلمترات قرب جزيرة "كورييه" في المياه الإقليمية السينغالية، تحت رقابة وحدة من الجمارك، في انتظار السماح له بالرسو..
خلال عملية الانتظار هذه حدث أن اختفت حاويتان من على متن القارب الذي كان يحمل 40 حاوية محملة بالأسلحة والمتفجرات، شملت 10 آلاف بندقية آلية و30 مليون طلقة، وقد زعم طاقم القارب- وهو مصري الجنسية- أن الشحنة متوجهة إلى مالي- عبر داكار- وهي مخصصة للصيد التقليدي..
في اليوم الموالي تفاجأت وحدة الجمارك السينغالية أن مياه المحيط ابتلعت القارب بحمولته دون سابق إنذار، وفي نفس اليوم عُثر على حاويتين من الحمولة على شاطئ العاصمة داكار، وقد حاول عدد من المواطنين نهب الحاويتين قبل معرفة نوعية الحمولة، ووصول وحدة من الدرك قامت بمصادرة الشحنة والتحفظ عليها.
اتضح من التحقيقات الأولية أن الحاويتين جزء من حمولة القارب وقد أغرقه طاقمه المصري في ظروف غامضة، قبالة جزيرة كوري، بعد أن كان تحت المراقبة والتحفظ من طرف الجمارك السنغالية.
قبل دخول القارب المياه الإقليمية السينغالية تم رصده قبالة سواحل الرأس الأخضر من قبل سلاح البحرية الموريتانية، التي وضعت القارب تحت المراقبة، مخافة دخوله المياه الإقليمية الوطنية، وهو ما لم يقع.
بعض المصادر اتهمت المخابرات الموريتانية بإغراق القارب ورغم أن الأمر لم يتأكد حتى الآن وربما لن يتأكد بسبب الطبيعة السرية لعمل المخابرات، إلا أن ورود اسم المخابرات الموريتانية يؤكد أن للأمر علاقة بأمن البلاد...
ثمة علامات استفهام عديدة يطرحها موضوع القارب اللغز، أولها أن الشحنة لايمكن أن تكون موجهة إلى مالي لأغراض الصيد فقط، لأن طبيعة الأسلحة وكمية الذخائر الهائلة تدحض هذه المزاعم جملة وتفصيلا.
وثانيها ان العلاقة القوية بين "تنزانيا" والكيان الصهيوني الذي يتمتع بحضور ونفوذ قويين في هذا البلد الإفريقي، تشفع لمن يربطون بين علاقة الشحنة ومحاولات هذا الكيان تنفيذ جزء من مخططاته الإرهابية ضد دول في المنطقة على رأسها موريتانيا طبعا، وتدعم هذه الفرضية اتهامَ المخابرات الموريتانية بإغراق القارب.
هذه المعطيات مجتمعة يمكن ربطها بخروج العقيد اعل ولد محمد فال، خلال الأسابيع الماضية، في خرجة إعلامية جديدة، يعد فيها النظام الحاكم في موريتانيا بالويل والثبور متوعدا بتحويل حفل تنصيب رئيس الجمهورية إلى مأتم، قبل أن يتهم الجيش الوطني بأنه أقرب إلى الميليشيات منه إلى جيش نظامي.
نحن هنا لا نوزع الاتهامات جزافا، إنما نحاول ربط الأحداث في سياقها الزماني والمكاني الذي حدثت فيها، فحين يتم الحديث عن تنزاينا وشحنات الأسلحة، تقفز الذاكرة إلى الكيان الصهيوني، وحين تستدعي الذاكرة هذا الكيان، فإنها تتوقف طويلا عند العلاقة التي تربط الرئيس العقيد السابق بمنظمات يهودية صهيونية ذات باع طويل في الإرهاب والتهريب وعمليات التخريب.
والرجل لم يخف أهدافه ومطامعه، وقد كدس خلال العقود الماضية ثروة طائلة، بطرق ملتوية، سخرها أخيرا للنيل من بلاده، لا لشيئ سوى أن الشعب الموريتاني رفض أن يمنحه الثقة حين حصل على نسبة لم تتجاوز الـ03% في انتخابات رئاسية مشهودة عام 2009.
ربما كان مسار شحنة السلاح سينتهي بها في شمال مالي، حيث سطوة الإرهابيين والمهربين وتجار السلاح، الذين سيعهد إليهم بتهريبها إلى موريتانيا قطعة قطعة، بعد أن تعذرت عملية التهريب عبر البحر بسبب يقظة الجيش الموريتاني، ونشاط دوريات البحرية الوطنية.
وهنا على الأراضي الموريتانية سيتولى بعض المغامرين تنفيذ تهديدات العقيد "عندمَّا" تسنح لهم الفرصة..
هي حماقة جديدة إذن تنضاف لمسار الرجل المليئ بالعنتريات والمغامرات غير المحسوبة، لكنها أُجهضت بعيدا عن حدود البلاد. ولاشك أن العقيد سيكون ممتنا لمن أجهضوا هذه المغامرة، فقد منحوه الفرصة من جديد لارتكاب حماقات أخرى، لأنها- بدون شك- كانت ستكون هي الأخيرة..
وإلى مغامرة قادمة..