ليس سرًّا أنّ العلاقات السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة بين تل أبيب وأنقرة لم تتوقّف على الإطلاق على الرغم من الخلاف الدبلوماسيّ بينهما، الذي وقع في أيّار (مايو) من العام 2010، بعد اعتراض سلاح البحريّة الإسرائيليّة سفينةً تركيّةً كانت متوجهةً إلى غزّة لكسر الحصار عن القطاع.
وجاء اتفاق المُصالحة بين الطرفين ليُضفي طفرةً كبيرةً في العلاقات التجاريّة بين البلدين، الذي يجمعهما أكثر بكثيرٍ ممّا يُفرقهما، علمًا أنّ تركيّا كانت أوّل دولة إسلاميّة تعترف بإسرائيل، التي قامت على أنقاض الشعب العربيّ الفلسطينيّ، في الأمم المُتحدّة. كما أنّ موقفهما من الأزمة السوريّة متساوقًا ويتمثل في المطلب الشرطيّ بعزل الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، علاوةً على دعمها لقوى المُعارضة المُسلحّة التي تعمل على إسقاط النظام الحاكم في دمشق منذ ستّة أعوامٍ ونيّف.
موقع (المصدر) الإسرائيليّ شبه الرسميّ، والذي يرتبط بشكلٍ غيرُ مباشرٍ بوزارة خارجية أفيغدور ليبرمان، قال إنّه في شهر نيسان (أبريل) من هذا العام، وصلت إلى إسرائيل أكبر بعثة مصالح تجارية عرفتها إسرائيل مؤخرا. فهذه البعثة التجارية التركية الرسمية هي أكبر بعثة تصل إلى إسرائيل منذ اتفاق المصالحة الإسرائيليّة التركيّة عام 2016.
ولفت الموقع إلى أنّه شارك زهاء 100 ممثل عن شركات تركية من قطاعات أعمال مختلفة في منتدى المصالح التجارية حول العلاقات التجارية الإسرائيلية – التركية، وأجروا لقاءات تجارية مع شركات إسرائيلية، بهدف إنشاء تعاون اقتصادي واسع. وشارك في البعثة ممثلون كبار عن عدة اتحادات تصدير حيث يمثلون عشرات آلاف شركات التصدير في أنحاء تركيا، على حدّ قول الموقع الإسرائيليّ.
وأشار أيضًا إلى أنّ من بين ممثلي البعثات ممثلون عن شركات: أطعمة ومشروبات، نسيج وموضة، حديد، مواد بناء، أثاث، كهرباء وإلكترونيكا، معدّات طبية، تصنيع كيماويات، محاماة، مجال المصارف، وغيرها.
وشدّدّ الموقع على أنّ العلاقات بين تركيا وإسرائيل شهدت صعودًا وهبوطا في السنوات الأخيرة، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان، يُهاجم إسرائيل في كلّ مناسبةٍ، إلّا أنّ إسرائيل لا تعلق آمالا على العلاقات الدبلوماسيّة مع تركيا وتحاول الحفاظ على المصالح المشتركة بين كلا البلدين، قدر الإمكان.
وقال إيتان نائيه، سفير إسرائيل في تركيا، إنّه لا يعتمد على استقرار العلاقات السياسيّة، ولكنه أكّد أنّ واقع العلاقات التجارية مختلف تمامًا. فحسب ادعائه، يصل حجم التجارة بين كلا البلدين في وقتنا هذا إلى 4 مليارات دولار سنويًا تقريبًا، ويُضيف أنّ هناك احتمالاً كبيرًا أنْ يتضاعف، وهكذا رغم أنّ الأزمة التي حدثت في أعقاب أسطول مرمرة كانت من المفترض أنْ تؤثر في إسرائيل اقتصاديًا، فإن العلاقات بين إسرائيل وتركيا، في السنوات الماضية، آخذة بالازدهار.
وبحسبه، تصل نسبة الشركات الناشئة في مجال التصدير إلى تركيا إلى 3 بالمائة على الأكثر. لافتًا إلى أنّ تركيا مشهورة بشكل أساسيّ في تصدير مواد النسيج، الحديد، والأطعمة إلى القارة الأوروبية، وهذا بفضل الأراضي الزراعية اللا نهائية، أجر العمال المنخفض، ومبلغ الضرائب المنخفض مقابل التصدير، كما يعمل الشبّان الأتراك في يومنا هذا أكثر من أيّ وقتٍ مضى على التركيز على مجال الشركات الناشئة لذا يطمحون إلى التعاون مع إسرائيل بشكلٍ أساسيٍّ.
ومن الواضح، تابع الموقع الإسرائيليّ قائلاً، أنّ رجال الأعمال الأتراك والإسرائيليين معنيون الآن أكثر من الماضي بتحقيق الربح من العلاقات التجارية والتعاون، لا سيما في مجالَيْ التكنولوجيا والشركات الناشئة وقد تنجح هذه الطموحات المشتركة في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في المستقبَل.
ويجدر التأكيد على أنّ العلاقات الاقتصادية الواسعة بين إسرائيل وتركيا شهدت تحسنًا بعد حادثة أسطول مرمرة وقطع العلاقات الطويل بينهما. ففي عام 2012 (العام الذي شهد بدء الأزمة بسبب أسطول مرمرة)، وصل حجم تصدير البضائع الإسرائيلية إلى تركيا إلى 1.3 مليار دولار. بالمقابل، في عام 2011، بينما شهدت العلاقة بين البلدين توترًا، ازداد التصدير الإسرائيلي إلى تركيا بنسبة 40 بالمائة ووصل إلى 1.84 مليار دولار. وخلُص الموقع الإسرائيليّ إلى القول: يبدو أنّه رغم الأزمات، تحتل تركيا المرتبة السادسة في قائمة التصدير الإسرائيليّ بمبلغ نحو 4 مليار دولار سنويًا، حيث تصدر إسرائيل إلى تركيا مواد خام، مواد كيميائية (%67)، معادن (%5)، وآلات (%4). وماذا تستورد إسرائيل من تركيا؟ إنها تستورد بشكل أساسيّ سيارات (19%)، حديد (16%)، آلات (10%)، وملابس.