قال الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي إن ثورة 23 يوليو لم تقدم لنا سوى الطغيان والتراجع الشامل في المجالات التي كانت مزدهرة في القرنين الماضيين، مشيرا الى أن أظهر دليل على ذلك ما حدث للثقافة المصرية.
وأضاف حجازي في تصريح خاص لـ “رأي اليوم” في الذكرى الخامسة والستين لثورة يوليو أننا عندما نقارن ما نحن فيه الآن وما كنا عليه خلال النصف الأول من القرن الماضي لن نجد الشعر، ولا المسرح، ولا الغناء ولا غيرها من الفنون التي كانت علامة مميزة للمصريين.
وقال حجازي إننا – للأسف الشديد – لن نجد الجامعة التي كانت موجودة قبل يوليو، لن نجد طه حسين والعقاد وهيكل ومحفوظ والحكيم، مشيرا الى أن أفضل ما قُدم بعد يوليو هو ما يعود الفضل فيه لما قبلهاِ، فإذا كان لدينا بعد يوليو الشرقاوي وإدريس وعبد الصبور وسواهم، فهؤلاء تعلموا على أيدي الأساتذة العظماء الذين ظهروا قبل يوليو في مناخ ليبرالي حقيقي.
وقال حجازي إن الصحافة المصرية التي كانت موجودة قبل يوليو، لم تعد موجودة الآن لاشكلا ولا موضوعا ، مشيرا الى أننا حين نقارن بين لغة الصحافة والخدمة الصحفية الحقة – التي لا تتحقق إلا في وجود ضمانات تسمح للصحفيين بنشر ما يحدث والتعليق عليه وتحليله وتفتح المجال للمناقشة حول الآراء المختلفة- لا نراها الآن، بل نفاجأ بأخطاء شنيعة في الصحف وتردٍ في الصحافة لم يسبق له مثيل.
وتساءل حجازي: من الذي يورث أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان وسواهم؟
وتابع حجازي في حزن: “إذا كان هذا هو حالنا الآن، لا أتحدث عن هزيمة سبعة وستين، فأين هي القضايا التي رفعها الضباط في يوليو، أين نحن من العدالة الاجتماعية وأين نحن من الديمقراطية؟
وأين نحن من القضية الرئيسية التي استغلها الضباط للوصول إلى السلطة وهي قضية فلسطين
أين نحن الآن من تحرير فلسطين؟
وأين نحن من التصنيع؟
انظروا الى ما حققته الهند وما حققناه، بل انظروا الى ما حققته ماليزيا وكوريا وما حققناه!
انظروا الى شكل القاهرة الآن المدينة المزدهرة المتألقة التي كانت موجودة في العشرينيات والثلاثينيات وشكلها الآن!
انظروا الى الإسكندرية التي كانت زاخرة بالنشاط الثقافي، وكانت قبلة لكل بني البشر من الشوام والايطاليين والفرنسيين واليونانيين وسواهم”.
واختتم حجازي حديثه مؤكدا ضرورة اعترافنا بهذه الحقيقة المرة، مشيرا الى أن هؤلاء الذين يتحدثون الآن عن إنجازات ثورة يوليو ويتغنون بها هم في الحقيقة يتحدثون عن أنفسهم ويشهدون لأنفسهم ولا يريدون أن يشهدوا بالحق!”.