سطعت آسية عبد الرحمن بلقيسا بسماء البيظان، بوجهيها الخالدين، فوجه للملكة الجميلة الحكيمة، التي أسلمت لدين النبي الملك و قد أسلم لها فؤاده، و وجه للمثقفة العربية المعشوقة، العابرة شعر زماننا المترف بالعذوبة؛ بلقيس نزار.و آسية الملكة النابغة، ملكت قلب القاضي الصارم، المهموم بالحرص على العدل و الإنصاف ، فطوقته بحضورها، و قبل أن يهم بتحوير عرش كلماتها نكاية بفطنتها، تربعت بدلال على سجاد لبه الوثير.
و هي الملهمة، و هنا مكمن السر، و غاية التميز ، فقد هطلت أمطار الشعر بوادي عمر، فسالت أنهار الأوزان و أزهرت حواف جداول العبارات بالبنفسج و العوسج.
يقول الشاعر عمر السالك في زوجته و حبيبته أسية :
يا بِـدْعَـةً، ما في الْـبَـدَائِعِ مِـثْـلُهَا!............ ما شَانَهَا - بَلْ زَانَهَا - ما شَانَهَا
ما شَانَها فِـعْـلٌ ولا قَـوْلٌ.. وَقَـدْ............ أعْـلَى الَّـذِي بَـرَأَ الخلائِـقَ شانَها
لَـوْ قِـيـلَ لِلْحُسْنِ الذي لا يَـنْـتَـهِي.......... كُـنْ مِـثْـلَ آسِـيَـةَ؛ اسْـتَـحَىٰ.. ما كَانَـهَا!
أَنَّى لَـهُ.. والْحُـسْنُ بَـعْـضُ صِـفَاتِـهَا!؟!............ وَصِــفَاتُها قَـدْ أُحْـسِـنَـتْ إحْسَانَـهَا
و مما يروق في قصيدة الشاعر الموريتاني عمر، تصريحه بإسم الحبيبة، ليخلد وزنا لا يصلح إلا لها، كسوار صيغ لمعصمها وحدها، و التصريح بأسماء المعشوقات في " لغنى " الحساني كثير لكنه في الشعر الفصيح بمنطقتنا الإستثنائية قليل، و تزيد ندرة ذلك ندرة الجودة و حسن البيان .
وجدت _ و لست بناقدة عموما _ أن قصائد الشاعر عمر غزلا بزوجته آسيا، فسحت لقراء الأدب العربي نافذة عطرة، يطلون من خلالها على الأدب الموريتاني؛ الشعر منه خاصة، ليدرك كل ذي ذائقة خيال الشاعر الصحراوي الطلق و نفسه الصافية الصريحة ، في زمن تخلت فيه الصحاري عن شساعتها و نأيها، و اقتربت أكثر ممسكة بوهج شمسها البازغة .
النانة لبات الرشيد