أكثر من 70 مليون دراجة تجرى فى شوارع ألمانيا.. هذا الرقم يقترب من عدد السكان فى جمهورية ألمانيا الاتحادية حوالى 80 مليون – يتناقص باستمرار منذ 15 سنة – يكاد لا يخلو بيت ألمانى من الدراجة.
وركوب الدراجات منتشر بين جميع طبقات المجتمع الألمانى.. لا فرق فى هذا بين غنى أم فقير صغير أم كبير رجل أم إمرأة، الفرق صار الآن فقط فى الموديل وسعر الدراجة الذى يتراوح بين 250 يورو و2000 يورو.
والدراجة فى ألمانيا وسيلة انتقال بدون تكلفة وصديقة للبيئة وصحية وأيضا هواية ورياضة وبيزنس – صناعة وتجارة – والحكومة الألمانية الفيدرالية وحكومات الولايات – خاصة التى يشارك فيها ممثلون لحزب الخضر - تشجع المواطنين على استخدام الدراجات من خلال إجراءات ضمان السلامة والانتقال .
ويضاف إلى هذا أن معظم المواطنين الألمان لديهم اقتناع بأن استخدام الدراجات فى الانتقال يوفر الطاقة ويقلل من انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة، فركوب الدراجات ثقافة مجتمعية وتحضر أيضا.. جميع الشركات والمصالح الحكومية والمدارس والجامعات تقريبا لديها أماكن خاصة كجراج للدراجات، وكثير من التجمعات السكنية تخصص مكانا لكل شقة سكنية للدراجة، بل إن جامعة تيبنجن "وهى من الجامعات العريقة جنوب ألمانيا" تمنع تماما دخول السيارات إلى الحرم الجامعى إلا سيارات الخدمات العامة كالإسعاف.. وسيلة الانتقال الوحيدة داخل الحرم الجامعى بما فيه المدينة الجامعية والمعامل والكليات هى الدراجة.. حتى رئيس الجامعة وعمداء الكليات يستخدمونها.. لا استثناء لأحد.
أما فى المدن الألمانية فهناك بشكل إجبارى مكان مخصص للدراجات فى جميع الشوارع مدهون باللون الأحمر الداكن ممنوع حتى على المشاة السير عليه – ذات مرة كنت أمشى فى أحد شوارع برلين مع صديق وفوجئت براكب إحدى الدراجات يدفعنى دفعة قوية كادت تلقى بى على الرصيف، ولما استهجنت هذا السلوك أخبرنى صديقى الألمانى أننى أنا المخطئ لأننى أمشى على اللون الأحمر المخصص لراكبى الدراجات فقط -، بل إنه ضمن نظام إشارات المرور توجد إشارات خاصة تنظم حركة الدراجات فى الميادين والشوارع، هذه الإشارات مثلا تكون حمراء للسيارات وخضراء للدراجات.
ويجرى حاليا فى ألمانيا إنشاء طريق الدراجات السريع بطول 160 كيلو مترا بخدمات متميزة لهواة السفر بالدراجات.. ويمكن لأى مواطن اصطحاب دراجته فى القطار أو الأتوبيس أو المترو لاستخدامها داخل المدن التى يسافر إليها بل إن هيئة سكك حديد ألمانيا DB تتيح خدمة استئجار دراجة من محطة السكك الحديدية لقضاء المشاوير داخل المدن .
أما على صعيد البيزنس والصناعة، فالألمان كعادتهم الآن فى مجال البيزنيس يركزون على القيمة المضافة والابداع والابتكار وتصنيع الفخم المرتفع السعر، ويمكن أن يتركوا الباقى والماركات الشعبية لغيرهم فى جنوب شرق آسيا، هذا ما يفعلونه فى كثير من الصناعات كالسيارات والملابس والدراجات ايضا .
ولذا فإن مراكز تطوير وتصميم الدراجات الحديثة فى العالم هى فى ألمانيا وشركات صناعة الدراجات اليبانية والأمريكية تفتتح مكاتب للتصميم والتطوير فى ألمانيا بل أن بعض الشركات الألمانية تخصصت فى تصنيع الدراجات حسب طلب الزبون وبشكل فردى تقوم بتصنيع دراجة خاصة لزبون واحد ولكن بسعر يصل إلى 3000 يورو – حوالى 30 الف جنيه - وتشتهر فى هذا المجال الماركات الالمانية التى يتفاخر مقتنو الدراجات بها مثل رولوف وكانيون هذه الماركات فى الدراجات تعادل مرسيدس وبى ام دبليو فى السيارات، ولكن الجديد الذى يشاهده حاليا أكثر من 100 ألف من هواة الدراجات وتجارها ومصنعيها ومصمميها وهم زوار معرض الدراجات فى مدينة فريدريكسهافن الألمانية الجميلة - تنتهى فغاليته 30 اغسطس الحالى .
الجديد هو إدخال الدراجات عالم الموضة أو الصراعات.. شركات صغيرة يملكها شباب ألمان مبدعون يقدمون دراجات بالألوان للجنس اللطيف ودراجات من مواد خاصة تتحول إلى ألوان الطيف فى الظلام، وملابس خاصة وخوذات للدراجين المحترفين واكسسوارات متنوعة لغير المحترفين ودراجات متعددة الاغراض والاستخدام واخرى عائلية والكثير من الدراجات الطبية النسائية على وجه الخصوص.