يمثل الفن الموسيقي والغنائي أكثر الفنون الجميلة انسيابية في الولوج إلى أعماق الشعور الإنساني؛ وهذا ما يجعله من أرقى الفنون الإنسانية منذ فجر التاريخ إلى اليوم؛ كما أنه خير حامل لرسائل التعبير الإنساني في مختلف الظروف وحسب السياقات التي تعبر عنها تلك الرسائل.
فبقدرما يعبر الغناء عن الفرح والسعادة بحيث يسمى "الطرب"، يعبر - أيضا - عن الأحزان والمآسي، وعن المعاناة الإنسانية؛ خاصة حين تكون ناجمة عن الظلم والتسلط؛ وبالتالي شكل أرقى وأبلغ لغة إنسانية جامعة تدخل القلوب قبل الآذان.
جده بنت الراظي، فنانة موريتانية شابة تنحدر من وسط فني ضارب في الأصالة ؛ امتلكت ناصية تطوير وتطويع فنها ليكون تجسيدا لتلك الحقائق؛ فغنت لانتصارات بلدها ونجاحاته، وغنت لأفراح الوطن وأمجاده؛ فكان إيمانها بقدسية هذه الرسالة الموجه الأساسي لفنها الرائع، حاملا لهموم الأمة وتطلعاتها؛ فكانت أغنيتها الجديدة من أجل القدس والأقصى؛ باعتبارهما القضية الجوهرية للأمة الإسلامية من نواكشوط إلى جاكارتا؛ خير تعبير عن بلوغ هذا الفن أعلى مراتب السمو والكمال.