هي الوجه النسائي البارز بمدينة كيفه، رئيسة التعاونية الصناعية العريقة بقلب المدينة ؛ السيدة سلمها بنت محمد ولد أعمره.ولدت بنت أعمره في ساعة متأخرة من إحدى ليالي عام "النيسان" الموافق لسنة 1935 في بلدة "زينت المشرع " 20 كلم شمال غربي مدينة كيفه، شرق موريتانيا. وتنتمي بنت أعمره إلى أسرة معروفة بالصناعة التقليدية، لكن سلمها عزفت عن ذلك متأثرة بالمحيط الاجتماعي الذي ترعرعت فيه ، فمالت في وقت مبكر من عمرها إلى الغناء وانتقت آلة "آردين" وأحيت ليالي باديتها بغناء شجي كان يجذب الكثيرين ممن يهوون الغناء والأدب الحساني.
أعجزت بحسن صوتها حتى المطربين المنحدرين من الأسر الفنية في المنطقة. غنت سلمها مع يايه بنت البيسيف ومع بنت الغوث ولها تسجيلات بالإذاعة الوطنية قام بها عميد الأدب الشعبي المرحوم محمدا ولد سيد ابراهيم حينما زار مضارب حي بنت أعمره مرة في صباح يوم 10 يوليو 1978 ، انتشر خبر الإطاحة بالرئيس المختار ولد داداه، فسيطر الفزع على سلمها بنت أعمره التي اعتقدت أن ذلك هو نهاية الدنيا وقيام الساعة فكسرت "آردينها "، وودعت الغناء ثم انتقلت إلى مدينة كيفه.
هناك بدأت بنت أعمره مرحلة جديدة في حياتها، فعادت إلى حرفة أجدادها وبدأت في الصناعة التقليدية فأظهرت عبقرية منقطعة النظير في هذا المجال وصارت محط اهتمام كل من يريد إنجاز شيء من المعدات والتجهيزات واللوازم المنزلية، ثم قامت بنت أعمره بتشكيل تعاونية صناعية، كانت من أهم دور الصناعة التقليدية بكيفه، وقد اهتمت هذه التعاونية بصناعة الجلود بشكل خاص، إضافة إلى الكثير من الأشياء الأخرى.
وجهت سلمها بنت أعمره الكثير من الرسائل للجهات المختصة من أجل إيجاد دعم لتعاونيتها ، والذي يحز في قلبها ويثير دهشتها هو أنها لم تستقبل أي مساعدة أو تمويل قامت به الدولة الموريتانية نحوها رغم ارتباطها "بالمخزن" ومضي ما يقارب ثلاثة عقود من العمل المتواصل والعطاء.
لقد فكرت مرات – تقول بنت أعمره – إلى تحويل التعاونية إلى دكان يبيع البسكويت والحلوى احتجاجا على النسيان والإهمال الذين تلقاهما في بلدها. وتضيف "لأنني أعيل الكثير من الأبناء والأحفاد وقد وهن العظم مني – تقول سلمها – فإنني التمس المساعدة من حكومتي ودولتي. ولولا ما يشتريه الناس من حاجياتهم من تعاونيتي وما ينتقيه السواح في مرورهم علينا لم أكن لأجد ما يقتات عليه الأبناء.
سلمها بنت أعمره ، تزوجت 25 مرة وأنجبت أربعة أولاد من رجلين فقط. وهي لم تركب السيارة في حياتها، ولا تنوي ذلك ولم تسافر خارج مدينة كيفه أبدا من يوم أقامت بها. وفي بداية حياتها في البادية كانت تركب الجمال والحمير. وفي حديثنا معنا كانت تثني وتدعو الله للمرحوم إسلمو ولد تاج الدين جزاء إحسانه عليها وعلى عيالها وقالت أنه هو من بنى لها الدكان الذي تتخذه مقرا لتعاونيتها، وطلبت منا تدوين ذلك. بنت أعمره محبوبة لدى الجيران، وتتميز بالكرم الشديد وبإنفاق كل شيء يصل إلى يدها على أسرتها وضيوفها وهي خفيفة الدم ، أريحية ، لا تحب "الكدر" . وقد جالست وغنت لولاة فرنسيين حكموا هذه المنطقة إبان الاستعمار مثل فيرال ومونيي وهي اليوم تسهر على تسيير تعاونيتها على الشارع الرئيسي الذي يدخل سوق الجديدة من الغرب.
الوجبة المفضلة عند سلمها هي الكسكس .لا تهتم بالسياسة ولكنها تمسكت بالتصويت في كل الانتخابات التي عرفها البلد ، وكانت تصوت دائما " للدولة"، تقول بنت أعمره.!
وكالة كيفه للأنباء