أثار المقال الذي تداولته معظم الصحف الورقية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "غَزِّي الأركاب" للكاتب والسياسي الموريتاتي، ذي الخلفية البعثية، محمد يخظيه ولد ابريد الليل، جدلا عاصفا داخل الأوساط الثقافية والسياسية والإعلامية في موريتانيا.
ففي حين اعتبره بعض المدونين مساهمة "قيمة" في إعادة كتابة تاريخ المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، اعتبره آخرون دعوة صريحة لإذكاء نعرات ما عرف بحقبة "السيئة" التي كانت سائدة في المنطقة الممتدة بين الساقية الحمراء شمالا، ونهر السينغال جنوبا، ومنطقة أزواد شرقا؛ والتي اتسمت بسيادة قانون "الغلبة للأقوى" وإرساء منظومة إجتماعية تقوم على الطبقية والإقطاعية والنهب.
منتقدو مقال ولد البريد الليل أخذوا عليه، بالأساس، حرصه على توسيع فضاء المقاومة؛ أو "الجهاد"؛ ضد الاستعمار الفرنسي ليشمل كامل الحيّز الجغرافي لمجموعة عرب الصحراء (البيظان) بما في ذاك مناطق خارج الحوزة الترابية لموريتانيا.
كما انتقد كثير من رواد التواصل الاجتماعي، بشدة، تمجيد الرجل لمجموعات كانت متغلبة أيام انعقاد ما أسماه مؤتمر "غزي لَركاب"؛ حين كتب: "حضرت الشخصيات التالية: أمير الحوض، أعل ولد أمحيميد، أمير إدوعيش، عثمان ولد بكار، أمير لبراكنه، أحمد ولد سيد أعلي، الأخوان : أحمد ولد الديد وسيدي ولد سيدي، أمير آدرار الشاب، سيد أحمد وأحمد ولد عيده ، ورؤساء القبائل المعروفة تقليديا بأهل السلاح كانوا يُعَدُّون بالعشرات ، على سبيل المثال لا الحصر: سيد أحمد ولد هيبه رئيس أولاد أعلي بن عبد الله (كوركل)، المختار ولد أحمد رئيس إدوعيش (لعصابة)، الكوري ولد امبارك وأحمد سالم ولد المختارأَمُّ وأعلي سالم من أولاد دمان، زعامات أولاد عمني وأولاد آكشار، سيد أحمد ولد مكيه، ووفد كبير من أولاد غيلان، رؤساء عديدون من إديشلي على تنوعهم، محمد ولد أعلي ولد أحمد رئيس أولاد الـلَّبْ، اصنيب ولد بوبكر رئيس أولاد أحمد، وفد من لِعْلِبْ، وغيرهم وغيرهم".
وانتقد معظم هؤلاء محاولة الرجل تمجيد وإحياء فترة "السيبة" من خلال وصفها بأنها "تراث معنوي"؛ مبررين تأويلهم للأفكار التي جاء بها في مقاله، بهذه الفقرة: "هذا التراث المعنوي، هذا الإرث غير المادي للمقاومة المجيدة الذي تركه الشيخ ماء العينين والشهداء الذين سبقوه ورافقوه وعقبوه وجميع المقاومين الذين قضوا نحبهم الآن جميعا هو من مصادر الفخر القليلة المتاحة للأجيال الحالية والقادمة".
وفي المقابل استحسن العديد من المدونين ورواد موقع "فيس بوك" للتواصل والتفاعل الاجتماعي، مضامين مقال "غزي لركاب"، معتبرينها إسهاما إيجابيا في مجهود تثمين وتخليد "أمجاد المقاومة الموريتانية ضد الاستعمار الأوروبي"؛ وتبيانا لكون تلك المقاومة لم تقتصر على المجموعات المعروفة تاريخيا وتقليديا بأنها ذات شوك أو "قبائل محاربة".
ويدعم هؤلاء طرحهم بفقرات من المقال تعدد الشخصيات والمجموعات القبلية المعروفة بانهماكها في نشر المعارف الدينية والانشغال بأمور التأليف ونقل المعارف (الزوايا) وحتى تلك التي كانت، أيام عهد "السيبة" خاضعة للهيمنة والتهميش والوصاية.