لم يشهد الحقل الإعلامي في موريتانيا حالة من تردي الأداء وانعدام الضوابط المهنية والتأطير كالتي يوجد فيها منذ إلغاء وزارة خاصة للإتصال، وإخضاعه لوصاية وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني التي أوكلت حقيبتها لوزيرة معدومة الكفاءة والخبرة في هذا المجال.
لقد شهد الإعلام العمومي، منذ تولي الوزيرة الحالية، هاوا الشيخ سيديا تانديا، منصبها؛ حيث شهدت قناة التلفزيون العمومية "الموريتانية" عدة أزمات أثرت على أدائها ونوعية خدماتها؛ كان أبرزها استياء الصحفيين ذوي الاختصاص المهني والتجربة المشهودة من سوء المعاملة التي يواجهونها في عملهم، وكذا اضطراب المسطرة البرامجية واعتماد الارتجالية؛ بما في ذلك خلال شهر رمضان المبارك حيث أثارت التسمية غير الموفقة لبعض البرامج موجة جدل استياء عارمة داخل أوساط الرأي العام الوطني.
وكالة الأنباء الموريتانية نالت بدورها نصيبا من الانعكاسات السلبية لنهج الوزيرة تانديا حيث توقفت الصحيفة اليومية الرسمية الوحيدة في البلد بشكل نهائي، لتتحول هذه المؤسسة العريقة من وكالة تزود العالم بأخبار موريتانيا دون تشويه ولا تحوير، إلى موقع إلكتروني يتذيل ترتيب المواقع الإخبارية المستقلة.
فساد قطاع الاتصال طال الصحافة المستقلة، حيث انهارت المطبعة الحكومية الوحيدة التي كانت تتولى سحب الصحف الحرة في البلد بينما أدى الإهمال وازدواجية التعامل إلى وقف بث أهم المحطات الإذاعية الحرة وجميع القنوات التلفزيونية الخاصة نتيجة تراكم ديون شركة البث التلفزيوني التابعة للوزارة.
وضعية أثرت على البلد خلال التصنيف الاخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود " بعد أن ظلت تتصدر هذا التصنيف على مستوى العالم العربي لسبع سنوات متتالية.
كما أدت الفوضوية التي باتت تحكم القطاع إلى تعرض سمعة موريتانيا لحملات استهداف صارخة عبر برامج وثائقية تسيء للبلد وتشوه صورته بشكل متعمد، دون أي حضور ولو رمزي للقطاع الوصي حتى من باب متابعة طريقة استغلال رخصة أي إنتاج إعلامي داخل البلد (الطريق إلى دكار ).
وتتهم الوزيرة هاوا بالوقوف وراء التشرذم والشقاق الذي شهده الحقل الصحفي في موريتانيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من خلال اعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع الهيئات والنقابات والاتحادات الصحفية من جهة، وخلق أزمات وصراعات فيما بينها من جهة ثانية.
وتجسدت هذه السياسة التمييعية، ضمن أمور أخرى، في عرقلة صرف صندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة، و الكثير من الامور الاخرى سنعرض لها في وقت لاحق بإذن الله .