قال رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إن الهجوم الذي تعرضت له القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، يشكل "ضربة مؤلمة لأنه استهدف قلب هذه القوة المتمثل في مركز قيادتها بوسط جمهورية مالي"؛ معتبرا، في مقابلة أجرتها معه قناة «فرانس 24» الفرنسية عشية انطلاق أعمال القمة الحادية والثلاثين للاتحاد الإفريقي التي تحتضنها نواكشوط؛ أن "الإهمال قد يكون من آسباب هذا الاعتداء الإرهابي".
وأكد ولد عبد العزيز أن محاربة الإرهاب في بلدان الساحل "مسؤولية دول شبه المنطقة وليس القوى الأجنبية"؛ مبينا أن أهم ما يمكن أن يقوم به الشركاء الدوليون في هذا المجال هو تقديم التمويل والدعم اللوجستي لجيوش دول الساحل التي آثبتت فاعليتها وبرهنت على كفاءتها في التصدي للجماعات الجهادية في المنطقة.
وأضاف أن ما يتم إنفاقه من قبل القوى الدولية على الوحدات التي تنشرها في مناطق من القارة الإفريقية يتجاوز ضعف ما يتطلبه تمويل القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، وأن عمليات التدخل العسكرية التي تمولها وتنفذها تلك القوى الكبرى في القارة لم تقدم نتائج ميدانية تذكر.
وجدد الرئيس ولد عبد العزيز مطالبته بمنح القوة المشتركة لدول الساحل غطاء من الأمم المتحدة لإضفاء صبغة دولية على عملها في إشارة إلى ضرورة وضع هذه القوة المشتركة ضمن البند السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة؛ مبرزا أن نجاح أي مجهود أمني لمحاربة ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود لا يمكن أن يحقق النتائج المرجوة منه إلا عندما يبدأ بتأمين حدود كل دولة، حتى يتم تامين كامل منطقة الساحل والقارة الإفريقية بشكل عام؛ لتنعم بقية مناطق العالم بالأمان.
وبخصوص تدفق أمواج المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا إلى أوروبا وموقفه من التدابير التي اتخذها قادة الاتحاد الأوروبي في قمتهم الأخيرة حول الموضوع، أوضح رئيس الجمهورية أن أول خطوة وأنجعها لمواجهة هذه الظاهرة تتمثل في تقديم الدعم للبلدان التي يأتي منها المهاجرون لتمكينها من توفير الظروف المناسبة لضمان العيش الكريم لشبابها الباحثين عن فرص أفضل على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط؛ مؤكدا أن هذه المقاربة أقل كلفة وأكثر نجاعة من عمليات مطاردة قوارب المهاجرين في أعالي البحار ومن إقامة مراكز للأيواء يتم تكديس هؤلاء فيها.
وبخصوص ما تعرض له مواطنو دول إِفريقية من استعبــاد وسوء معاملة في ليبيا، قال ولد عبد العزيز إن المسؤولية عن تلك المآسي تقع على من دمروا ليبيا وحولوها ألى قاع صفصف ومرتع للجماعات المسلحة؛ مذكرا بأنه قبل التدخل الأجنبي في هذا البلد لم تكن ظاهرة الهجرة غير الشرعية قد ظهر بالحجم الذي نراه اليوم، ولم تكن الهجمات الإرهابية تهز العواصم الأوروبية كما حدث بعد ذلك ويحدث إلى يومنا هذا.
وفي معرض رده على سؤوال يتعلق بمصير المدون الموريتاني ولد امخيطير، قال رئيس الجمهورية إن هذا الأخير لم يصبح مدونا إلا بعد أن ارتكب ما لا يمكن يرتكبه موريتاني مسلم؛ لكنه لما فعل ذلك أصبح البعض يطلق عليه صفة المدون؛ مضيفا أن ولد امخيطير أفرج عنه بحكم قضائي لكن الدولة احتفظت به لدوافع تتعلق بأمنه و حمايته؛ تحت الإقامة الجبرية.
وعن سؤال يتعلق بالسيناتور المعتقل، محمد ولد غده، قال ولد عبد العزيز إنه بين يدي القضاء والقضاء هو من يحدد الإجراءات المتعلقة بحبسه أو بإخلاء سبيله؛ مبرزا أن القضاء الموريتاني من يعلم بتفاصيل التهم الموجهة إليه وهو أعلم، أيضا، بعناصر الاتهام والأسس التي تم بموجبها إخضاع المعني للمساءلة والتوقيف؛ وليس جهات تصدر تصريحات أو بيانات على بعد أكثر من 5 آلاف كيلومتر من موريتانيا. وقال بهذا الخصوص: "نحن أعلم بما يجري داخل بلدنا ولا نتلقى التعليمات من الآخرين كي نتصرف على أساسها فيما يخص بلدنا".
وجدد رئيس الجمهورية التزامه بعدم الترشح لمأمورية ثالثة بعد انقضاء مأموريته الحالية منتصف العام المقبل؛ مبرزا أن هذا القرار لا يخصع لمواقف أو تحليلات أي جهة كانت وإنما يعكس حرصه على احترام أحكام الدستور الموريتاني، مع أن أطرافا في المعارضة الموريتانية، على حد قوله ترغب في خلاف ذلك تستمر في ركوب الأمواج ومغالطة الرأي العام.