تركة الحنان / شيخنا ولد الناتي

سبت, 2018-08-11 07:37

إخوة كانت أمهم رغم شح الموارد الاقتصادية وفقر وسطها الاجتماعي تعمل من أجل توفير مستلزماتهم الضرورية للدراسة وكذلك الحال بالنسبة لوالدهم رغم أنه طلق والدتهم منذ سنوات.

توفي والدهم في بداية التسعينيات من القرن العشرين ، وفي منتصف التسعينيات من نفس القرن توفيت أمهم . لم يترك الوالدان لأبنائهم مالا ، بل تركا لهم ما تربوا عليه من حب للإنسان أيا كان ، فكانت تركتهم عبئـًـا ثقيلا ، يصعب على المتخصصين في مجال التركة توزيعه .

فكان الوالدان رحمهما الله مثالا في العلاقات الأخوية ،يتبادلان الزيارات مع إخوتهم ، كما كانا شركاء معهم في الموارد الاقتصادية . حاول الإخوة الاستفادة من تركة الوالدين ، لكن ولسوء الحظ أجلوا توزيع التركة إلى القرن الواحد والعشرين ، فاستدعوا فقيه متخصصا في علم الفروض ، لكن الأخير انشغل في شبكات التواصل ، عله يجد على الخاص من باستطاعته أن يساعده في توزيع هذا الكم الهائل من الأخلاق الذي تركه الوالدان لأبنائهم.

لم تكلل مهمة الفقيه بالنجاح ، فمن هو موجود معه على الدردشة ، شغله الوحيد هو كم من الإعجاب والمشاركة والتعليق الذي حصل مع تدوينا ته ، كما أن المال وحده هو المعروف عندهم في التركة . استخدم الفقيه كذلك المجموعات التي ينتمي لها عبر تطبيق الوات ساب ،فوجد كل مجموعة مشغولة عن سؤاله في الحياة الشخصية لأعضاء كل مجموعة . قال الفقيه للإخوة إن هذا العالم الافتراضي الذي تسمونه بشبكات التواصل الاجتماعي ، لهو السبب المباشر في تأخر الاستفادة من تركتكم ، ألستم تعيشون في مدينة واحدة ؟ ، كم مرة تبادلتم الزيارات ؟ ، هل فيكم من يعرف الظروف الاقتصادية التي يعيش الآخر؟ قالوا بصوت واحد منذ فترة طويلة ، كان آخر يوم التقينا فيه مباشرة قبل وصولنا لك هو اليوم الذي توفيت فيه الوالدة .

قال الفقيه حسبنا الله ونعم الوكيل ، لستم وحدكم من غزته هذه الشبكات ، فمجتمعنا عششت وباضت في أذهانه حتى ابتعد الكل من أقرب المقربين .

وأردف الفقيه قائلا للإخوة وسائل التواصل هذه أفقدتنا الحنان ، فالحنان لا يكون إلا بالجلوس بالقرب من الشخص وتناول الحديث معه بطريقة لا علاقة لها بحجم سعة الإنترنت ومشاركته ماديا أفراحه والشعور مباشرة بأحزانه ، لكن في المقابل لا ننكر دو ر هذه الشبكات في المساهمة في إيصال الخبر وقت وقوعه ، لكن كان استغلالنا لها استغلالا مفرطا . إذا كنتم ترغبون في الاستفادة من تركة الوالدين عودوا إلى رشدكم ، واستخدموا الجانب الإيجابي من شبكات التواصل .

تصفح أيضا ...