لا تستطيع الاستمتاع بأي عمل كوميدي إذا لم يكن متواجداً فيه رغم محدودية دوره الذي انحصر دائماً في المرتبة الثانية، لكن خفة ظله وقدرته على جذب الأنظار تجاهه كانت دائماً سبباً رئيسياً في تعلق الأذهان به وبالدور الذي يلعبه من عمل إلى آخر.
يوسف عيد الفنان الكوميدي الذي وافته المنية، في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، استطاع أن يرسم البسمة طيلة مشواره الفني على وجوه محبيه، فأينما كان دوره شريراً في بعض الأحيان أو طيباً كان دائماً مثالاً للكوميديا النابعة من القلب، حيث أسلوبه الخاص الذي يجمع بين ملامحه التلقائية التي كان ولابد أن تبتسم عندما تراها خصوصاً عينيه التى كان يستخدمها تعبيراً عن مشاهده بشكل كوميدي إضافة إلى طريقة أدائه الخاصة والتي جعلته رغم تصنيفه ممثل دور ثاني في الصدارة دائماً.
نجح عيد في التنوع والتلون من دور إلى آخر بل كان الاختبار الحقيقي له قدرته في خلق مساحة خاصة له بين النجوم الكبار سواء من الجيل القديم أو الشباب بأفلامهم السينمائية في السنوات الأخيرة، فالفنان الراحل له رصيد زاخر مع النجوم من بينهم النجم أحمد زكى، ليلي علوي، عادل إمام، نبيلة عبيد، محمد هنيدي، أحمد مكي، علاء ولي الدين، فؤاد المهندس، محمد سعد، فريد شوقي وغيرهم وآخرهم الثلاثي هشام ماجد، وشيكو وأحمد فهمي حيث شاركهم في فيلم "الحرب العالمية الثالثة".
النقلة الكبري في مشوار يوسف عيد كانت بعد مشاركته في واحدة من أهم الأعمال المسرحية التي قدمت في القرن الماضي "شارع محمد علي"، فقد قدم الراحل دويتو كوميدي مع نظيره وحيد سيف حيث كان يجسد دور عازف في الفرقة التي يقودها الأخير، ولهما معاً مشهد خاص في هذا العمل كان واحداً من أبرز لوحات هذا العمل الناجح، هذا إلى جانب مشاركته مع الراحل فؤاد المهندس في مسرحية "علشان خاطر عيونك"، والتي كانت بوابة التعارف الأولي له بينه وبين جمهوره.ورغم شعبيته الكبري ومعرفة الجمهور به وحبهم له، إلا أن عيد كان ذكياً في الحفاظ على هذه المكانة فلم يغامر مثل غيره ويفكر في تقديم عملاً بمفرده لكنه ظل محافظاً على مكانته في المرتبة الثانية التي أعطته فرصة أكبر للانتشار والتنوع في أدواره.يرحل يوسف عيد في هدوء تام، بعد أن قدم لجمهوره مشواراً حافلاً بالأعمال الكوميدية كان فيها نجماً في مساحته الخاصة التي خلقها لنفسه، تاركاً وراءه ابتسامه على وجوه محبيه الذين اعتادوا عليها كلما تذكروا له أحد مشاهده.