ليس كلّ ما يلمع ذهبا...و ليست كلّ انتخابات ديمقراطيّة!!!بما أنّ هذه التدوينة هي آخر تدوينة أعتزم نشرها في السيّاسة،،، أردت أن أعطيكم فيها تلخيصا لأحسن ما قرأته مؤخّرا عن موضوع الديمقراطيّة و الانتخابات...في عهد الثنائيّة القطبيّة، كان نظام الحكم في العالم ينقسم إلى قسمين: نظم ديمقراطيّة بنماذجها المختلفة، مقابل نظم دكتاتوريّة و شموليّة بأشكالها المختلفة...و لكن، الأوضاع تغيّرت مع انهيار الاتحاد السوفياتي و سقوط جدار برلين، حيث دخل العالم مرحلة جديدة عنوانها الحريّة و الديمقراطيّة و التعدّديّة.
و منذ ذلك التّاريخ، بدأ الحديث عن الأحزاب، و التعددية السياسية، و صناديق الاقتراع، و حرية الاختيار...و بدأت معظم دوّل العالم تُجرى انتخابات من نوع ما، بيد أنّ دولا قليلة فقط هي التي تشهد انتخابات توصف بأنّها ديمقراطيّة و تنافُسِيّة حقّا... أمّا بقيّة الانتخابات فلا توصفُ بذلك، إذْ طوّر الحكّام أدوات و أساليب للتلاعب بإرادة الناخبين...و لم تؤدّي في معظم دول العالم العربي و الافريقي إلى انتقال ديمقراطي واحد، ناهيك عن تحوّل جاد...إلاّ أنّ استخدام الانتخابات و التعدّدية الشكليّة أفضى إلى تجاوز التقسيم التقليدي لنظام الحكم سالف الذكر، و ظهور تصنيفات جديدة: حال الديمقراطيّة الزّائفة [ pseudo-démocratie]، أو النظم المختلطة [régimes hybrides]، أو النّظم شبه الديمقراطيّة [ semi-démocratiques]، أو التسلطيّة الديمقراطيّة [autoritarisme électoral]...و نظرا لأنّ آليّة الانتخابات [ صناديق، حبر، محاضر، لجان، مرشحين،إلخ...]تستخدم اليوم في كلّ الأنظمة الديمقراطية و الشموليّة لتحقيق أغراض و مقاصد متباينة تماما، فإنّ الحاجة باتت تدعو إلى التوافق على معايير محدّدة و واضحة يُمكنُ من خلالها التفرقة بين الانتخابات الديمقراطيّة و بين غيرها من الانتخابات الشكليّة أو الصّوريّة.
و هو توافق مهم للتمييز بين الصالح و الطافح، و بين النظام الديمقراطي و النظام غير الديمقراطي، بالنظر إلى أنّ آلية الانتخابات أضحت في عالم اليوم، و خاصّة في إفريقيا، من أبرز الآليّات التي يلجأ إليها الانقلابيّون و المستبدّون ل"شرعنة" التسلّط...فلا يمكن اليوم اعتبار الانتخابات وحدها دليلا على الديمقراطية، بل قد تكون قرينة في أحسن الأحوال...
و لا يُمكنُ اختزال هذه في تلك، لأنّ الديمقراطية قيمة سياسية...و الانتخابات عمليّة إجرائيّة...و عندما يغيب عنها المعنى و تغيب المعايير الديمقراطية، فإنّها تكون مجرّد لعبة بيدِ السلطة...فيخرج منها الدكتاتور ليفعل ما يشاء، وقتما يشاء، و كيفما يشاء،،، مردّدا بصوت عال: أنا الرئيس المنتخب! أنا الرئيس المنتخب! و لكن، هناك من الأمثلة الشعبية التي تدُلُّ على صدق التّجربة و الحكمة ، مثَل يقول: ليس كلّ ما يلمع ذهبًا,,,و ليست كلّ انتخابات ديمقراطيّة!وداعا للتدوين في السياسة، و العفو مرجو منكم جميعا عن كلّ زلة قلم، أو إساءة، أو إزعاج...و الله، إنّي لاستفدت منكم جميعا، و لأحبّكم جميعا،،، و في الختام، أحيّيكم تحية الاسلام...السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.