ناقش منتدى الأواصر في ندوته الشهرية الإشكالات المجتمعية : التمثلات والخلفيات والتحديات وذلك على ضوء محاضرتين مستفيضتين عرض خلالهما الدكتور البكاي عبد المالك والدكتور ديدي السالك تبسيطا للإشكالات المثارة.
وقد عرض الدكتور عبد المالك تعريفا للتمايزات الاجتماعية والاختلالات التي تنتعش داخل الأوساط المجتمعية مؤكدا على أن ليس من المقبول ان تصل هذه التحديات إلى مرحلة "تفكيك المكون العربي الإفريقي الصنهاجي" أو الاستقلال عنه ضمن قوميات وهويات فرعية، واستطرد الباحث المحاضر محذرا من تفشي ما اسماه الخطاب التجزيئي أو الهوية الأحادية حسب تعبيره معتبرا أن كلنا الحالتين بمثابة الخطأ المحدق على اللحمة الاجتماعية حيث ترتبط برفض التنوع الثقافي دون أن تقرُ الاختلاف كما أن الهوية الاحادية تصب في اتجاه سلبي يفيد بأولوية عرق على عرق آخر أو هيمنة مكون على بقية المكونات، وفي هذا الصدد أقترح الدكتور البكاي عبد المالك التأسيس للهوية الجامعة والتي تقر التنوع الثقافي والعرقي وتحمي حقوق الأقليات.
و حول مسألة الاسترقاق في موريتانيا وترسباته باعتبارها إحدى اهم تجليات المشكلات الاجتماعية المطروحة بالحاج أقترح المحاضر اعتماد مقاربتين هما المقاربة التربوية والمقاربة الاقتصادية.
أما الدكتور ديدي السالك، فقد تحدث باسهاب حول الاكراهات التي تفرضها قيم العولمة على شعوب العالم الثابث حيث ساهمت العولمة في بروز تحديات جديدة ابرزها الهويات الفرعية الصاعدة، واستطرد قائلا ان فشل الدولة الوطنية في موريتانيا هو الذي أدى إلى توسع مساحات الفقر والتهميش والاقصاء.
وحول الأصول الاجتماعية للمكونات الوطنية تحدث المحاضر الدكتور ديدي السالك عن المجتمعات الوطنية وتاريخ قدومها إلى المجال الموريتاني معيدا انطلاقة هجرة الفولان والسوننكي في اغلبها إلى منطقة الشرق الأوسط، وذلك قبل توافد قبائل بني حسان العربية إلى المجال الموريتاني.
وحول مسألة العبودية أكد الباحث على أن هذه الأرض كانت ارض عبور لتجارة القوافل وليس موطء استقرار دائم بالنسبة لهؤلاء، و اردف يقول بأن مقايضة السكان لابنائهم بالملح ساهمت في انتشار العبودية بالإضافة إلى الحروب التي خاضها عمر الفوتي ثم السياسات الكولونيالي في المنطقة التي اسهمت في تجارة الاسترقاق.
واعتبر الباحث ان موريتانيا منذ تأسيسها لم تتمكن من تحقيق أهداف التنمية المعلن، كما أنها باتت اكثر الدول فشلا في هذا المجال وذلك بسبب توابع حرب الصحراء ثم سيطرة العساكر على الحياة السياسية وانعدام الاستقرار السياسي بالإضافة إلى محنة الأحداث العرقية لسنة 1989، وخلص الباحث إلى أن المحنة الكبرى ترتبط لدى المؤسسات المعنية بموريتانيا بسوء التدبير وأكد المحاضر على أن كل ذلك كان كفيلا بازدياد الفقر وتفشي التفاوت الاجتماعي.
وأضاف أن موريتانيا تدور في حلقة مفرغة من الازمات وذلك على ضوء مؤشرات التنمية التي تقبع بلادنا دائما في ذيلها، وخلص المحاضر ديدي السالك إلى ضرورة وقف التوظيف المتبادل لملف الرق بين النشطاء السياسيين والدولة نفسها، معتبرا انه ملف بات بمثابة القنبلة الموقوتة.
وتناول على التعقيب في اعقاب المحاضرتين كلاً من النائب في الجمعية الوطنية الأستاذة سعداني خيطور فاهتممت بتفكيك حمولة الذهنية التقليدية ودعت إلى مراجعة المواقف السلبية حيال حمولات الخطاب الحقوقي حتى لا يشكل ذلك غضا للطرف عن الممارسات التي افرزت الخطاب المناويء لها.
أما الاستاذ الشيخ الحسن البمباري فقد ركز في تعقيبه على أزمة الانتقال من ممارسات ما قبل الدولة إلى مرحلة الموائمة بين ما هو حق وماهو مصلحة؟ وأثار العديد من الإشكالات المرتبطة، ودعا النشطاء الساعين إلى تحقيق العدالة الاجتماعية إلى إرساء تحالفات مدنية قوية ومنيعة للبرهنة على جدارته في مواجهة الأشكالات المطروحة على الصعد الاجتماعية والوطنية.و
شاركت العديد من الشخصيات الحقوقية والفكرية والسياسية في الندوة إلى جانب جمهور كبير ومتنوع.
يذكر ان منتدى الأواصر اطلق انشطته في أبريل 2017 ليحقق رغبة مؤسسيه باعتباره فضاء للتحاور بين الموريتانيين حول المعضلات الاجتماعية الكبرى، وتتركز انشطة المنتدى حول ثلاث مجالات اساسية هي :
1- حقوق الإنسان والمواطنة.
2- الصحافة والتنمية
3- السلامة والامن الرقمين.
ينظم منتدى الاواصر ندواته النقاشية الموسعة كل شهر لتسليط الضوء حول ملفات وقضايا حقوق الإنسان في موريتانيا، ومن المنتظر ان يستضيف في بداية شهر أبريل المقبل مهتمين وباحثين في مجال التربية والتعليم بموريتانيا.
المكلف بالإعلام بمنتدى الأواصر
أنواكشوط، الأحد 10 مارس 2019