أصدر رئيس المجلس الانتقالي الجديد في السودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان قرارا بإطلاق سراح جميع الضباط الذين حموا المتظاهرين، بينهم من قام بحماية اعتصام القيادة،حسبما ذكر اليوم السبت موقع أخبار السودان.
كان الفريق أول البرهان قد أدى أمس الجمعة اليمين الدستورية لرئاسة المجلس الذي اطاح بالرئيس عمر البشير من السلطة.
وخلف البرهان الفريق أول عوض بن عوف في رئاسة المجلس بعد أن تنحى الأخير استجابة لمطالبات الشارع السوداني, الذي رفض بن عوف والذي كان يشغل منصبي نائب أول للرئيس المعزول عمر البشير ووزير الدفاع.
ويهتف متظاهر أمام مقر القيادة العامة للجيش “فعلناها مرة يمكننا إعادة الكرّة” وسط إصرار المحتجين على إسقاط قادة المجلس العسكري بعد إطاحة عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى ثلاثين عاما.
على الرغم من حظر التجول قام السودانيون باعتصام ليلي آخر واحتفلوا بانتصار جديد. فبعد إطاحة البشير تنحى قائد المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عوض ابن عوف وعيّن الفريق أول عبد الفتاح برهان عبد الرحمن خلفاً له.
وأتت خطوة الفريق أول ابن عوف الذي كان وزير دفاع في ظل حكم البشير، غداة إطاحة الجيش بالرئيس البشير وتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسته، في خطوة لم تلق ارتياحاً في صفوف المحتجين في شوارع الخرطوم الذين يطالبون بأن تكون الحكومة المقبلة مدنية.
وهتف متظاهرون من نساء ورجال يرتدون الزي التقليدي الأبيض “سيسقط آخرون”، مؤكدين مواصلة اعتصامهم لليلة السابعة.
وانطلق المتظاهرون في الشوارع وهم يرددون “مالها… سقطت” و”في يومين سقّطنا رئيسين”.
وكانت التظاهرات دخلت شهرها الرابع وشملت مدنا عدة. لكن المحتجّين صعّدوا تحرّكهم قبل أسبوع باعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش لمطالبة القوات المسلّحة بالانحياز لهم ضد البشير الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحقه في 2009 و2010 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في غرب السودان.
وكانوا قد احتفلوا الخميس بالبيان التلفزيوني الذي أصدره ابن عوف وأعلن فيه وضع حد لحكم البشير (75 عاما) الذي تولى رئاسة البلاد لثلاثين عاما بعد أن وصل إلى السلطة بانقلاب.
– “حاكم مدني” –
لكن ابن عوف أعلن في بيانه الخميس أن المجلس العسكري الذي يترأسه سيدير البلاد خلال فترة انتقالية حدد مدّتها بسنتين.
واعتبر متظاهرون كثر أن الوجوه والأسماء قد تغيّرت لكن النظام لا يزال على حاله.
وقال أحدهم “لا نريد ابن عوف، لا نريد حكومة عسكرية”، مضيفا أن كل اللذين سيتولون إدارة المرحلة الانتقالية “تابعون لنظام البشير”. وقال إن الجماهير تريد “حاكما مدنيا”.
وللدفع باتجاه تحقيق هذا المطلب يبدو أن المحتجين قد قرروا مواصلة تحرّكهم. وفي مكان الاعتصام لا شيء تغيّر سوى الشعارات: فقد استبدلت مطالب رحيل البشير بالمطالبة برحيل ابن عوف والمجلس العسكري.
ومع حلول المساء بدأ تدفق حافلات المتظاهرين باتجاه مقر القيادة العامة للجيش متحدّين حظر التجول المفروض من الساعة العاشرة ليلا وحتى الرابعة فجرا، بحسب ما أفاد شهود عيان قالوا إنهم شاهدوا جنودا يتحادثون مع المحتجين.
وقد شهد جسرا العاصمة الخرطوم زحمة سيارات باتّجاه مكان الاعتصام.
وقال شاهد عيان إن “العديد من الفتيات توجّهن إلى نقطة التجمّع حاملات الأعلام السودانية”.
– “بالتأكيد سأعود” –
وكان آلاف تجمّعوا خلال النهار في محيط مقر القيادة العامة للجيش لإقامة صلاة الجمعة خلف إمام التحف بالعلم السوداني.
وقال حسين محمد المقيم في أم درمان “إنها المرة الأولى التي آتي فيها إلى هنا، وقد لبّيت دعوة للصلاة”.
وتوزّع بجوار المصلّين أقباط سودانيون وزّعوا الأكل والشرب لمساعدة الحشود على تحمّل أشعة الشمس الحارقة، فيما وزّع آخرون عمد آخرون الحصائر والفراش على المحتجين الذين ينامون ليليا في المكان.
وهتفت نسوة “المتظاهرون يرفضون البيان”، في إشارة إلى ما أوردته كافة محطات التلفزة الخميس عن “بيان هام” للجيش طال انتظاره لساعات قبل إعلان ابن عوف “التحفّظ” على البشير.
وعلى مقربة من تجمّعات المتظاهرين المرددين للشعارات كانت تسمع أغان سودانية قديمة.
وأعرب حسين محمد عن مدى إعجابه “بما يقوم به الشباب”، وقال عائدا إلى أم درمان “الطقس حار جدا”، مضيفا “بالتأكيد سأعود”.
ومن جهته جدد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، السبت، اعتذاره عن عدم المشاركة في المجلس العسكري الانتقالي، إلا بعد الاستجابة لمطالب الشعب.
وقال “حميدتي” في بيان نشر على الصفحة الرسمية لقوات الدعم السريع على “فيسبوك”، عقب إعلان عبد الفتاح برهان رئيسا للمجلس العسكري،”قررت عدم المشاركة في المجلس العسكري الى حين الاستجابة لمتطلبات الشعب والبدء فيها”.
وطالب بتشكيل مجلس انتقالي ويكون التمثيل فيه عسكريا، وحكومة مدنية يتم الاتفاق عليها مع جميع الأحزاب وتجمع المهنيين.
ودعا إلى فتح باب الحوار، مع قيادات ورؤساء الاحزاب السياسية وتجمع المهنيين وقادة الشباب وقيادات منظمات المجتمع المدني
وطالب بـ”وضع برنامج واضح لفترة انتقالية لا تزيد عن ثلاثة الى ستة شهور، يتم خلالها تنقيح الدستور”
وطالب حميدتي بتشكيل محاكم ونيابات عامة لمكافحة الفساد، وتنظيم انتخابات، وفق قانون يتفق عليه.
وأشار إلى أن تكون “مهمة المجلس الانتقالي التركيز على إنقاذ الوضع الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، والإشراف على لجنة صياغة تنقيح الدستور”.
كما أعلن رئيس المجلس المتنحي، إعفاء كمال عبد المعروف، من منصبه نائبا لرئيس المجلس، دون أن يذكر بديلا له.
والجمعة اعتذر حميدتي عن عدم المشاركة في المجلس العسكري برئاسة عوض بن عوف.
ومساء الخميس، أعلن “بن عوف” عزل البشير، واعتقاله في مكان آمن، وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش، وتنتهي بإجراء انتخابات.
وجاء إعلان “بن عوف”، الخميس، عقب احتجاجات تشهدها السودان منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأت منددة بالغلاء وتحولت إلى المطالبة بإسقاط النظام. –
من هو رئيس المجلس العسكري الانتقالي الجديد في السودان؟
تتجه الأنظار في السودان نحو الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي أدى القسم رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي في البلاد، خلفا لوزير الدفاع عوض بن عوف، ونشرت وسائل الإعلام مواد تعرف به.
الفريق أول عبد الفتاح البرهان ذو الـ60 عاما، هو القائد السابق للقوات البرية في الجيش السوداني والمشرف على القوات السودانية في اليمن بالتنسيق مع محمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع، وآخر منصب له هو المفتش العام للقوات المسلحة السودانية.
وإبان الاحتجاجات التي عمّت السودان، مطالبة بإسقاط الرئيس السابق عمر البشير، رقّى الأخير البرهان من رتبة فريق ركن إلى رتبة فريق أول في فبراير الماضي، وعينه مفتشا عاما للجيش بعد أن كان رئيسا لأركان القوات البرية منذ فبراير 2018.
وتقول وسائل إعلام اطلعت على سيرته العسكرية إن الفريق أول البرهان قضى الفترة الأخيرة متنقلا بين اليمن والإمارات.
والبرهان من منطقة قندتو بولاية نهر النيل الواقعة شمال السودان، وتخرج من الكلية الحربية الدفعة الـ31، وخاض معارك عسكرية أيام حرب الجنوب، قبيل انفصال جنوب السودان عام 2011.
ونشرت وكالة “سونا” الرسمية مؤخرا صورة البرهان وهو يتحدث لرئيس حزب المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ، أمام مقر القوات المسلحة، ولاقت الصورة رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.