لم يكن هذا اليوم يوما عاديا بالنسبة للجزائريين الذين شهدوا ولأول مرة توافد وزراء ومسؤولين نافذين تباعا على محكمة سيدي امحمد التي تحولت إلى أغلى محكمة في الجزائر للمثول أمام قاضي التحقيق في قضايا فساد وسوء تسيير والحصول على منح وامتيازات بطريقة غير مشروعة وإساءة استغلال الوظائف، بعد أن كانوا يرونهم في شاشات التلفزيونات فقط.
واستقبلت محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائر، التي شهدت تعزيزات أمنية مكثفة، منذ الساعة الحادية عشرة صباحا، عشرات كبار المسؤولين في نظام بوتفليقة ليبلغ عددهم حسب تقارير إعلامية محلية ستين شخصا معظمهم وردت أسمائهم في قضايا فساد كبيرة.
وشوهد بينهم رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال وأيضا أحمد أويحي ووزير التجارة السابق عمارة بن يونس وأيضا محافظ الجزائر العاصمة وهو يدخلون المحكمة التي لم يسبق لها وأن استقبلت شخصيات بهذا الثقل، في قضية يتابع فيها زعيم الكارتل المالي على حداد المتواجد في سجن الحراش وسط العاصمة الجزائر.
وكذلك أعادت محكمة سيدي امحمد وزراء سابقون ابتعدوا عن الواجهة منذ خروجهم من الحكومة منذ سنوات بينهم وزير النقل السابق عمار تو ووزير المالية السابق كريم جودي ووزير الموارد المائية محمد نسيب، وحسب وثيقة نشرها موقع ” رأي ” المحلي تهما تتعلق بالاستفادة من امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية وإساءة استغلال الوظيفة، وتزامنا مع هذا استدعى وكيل الجمهورية العسكري رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز كشاهد في قضية السعيد بوتفليقة الذي يتهم بالتآمر على سلطتي الجيش ومؤسسة الدولة الجزائرية برفقة قائدي الاستخبارات السابقين توفيق وطرطاق إضافة إلى الأمينة العامة لحزب العمال اليساري لويزة حنون.
وتندرج هذه التحقيقات في إطار ” المعركة ” التي يخوضها قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح بالقبض على “رؤوس العصابة ” والتحقيق مع بعض عناصرها المالية والأمنية والسياسية، في وقت تصر الجبهة الشعبية على رحيل بقايا نظام بوتفليقة وهو ما زاد من حدة التباعد بين المؤسسة العسكرية والحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 فبراير / شباط الماضي.
وجاء التحقيق مع رجالات حكم بوتفليقة عشية الجمعة الثالثة عشرة من الحراك، وفي وقت توارى رئيس أركان الجيش الجزائري عن الأنظار بعد أن كان يستغل زيارته الميدانية إلى المناطق العسكرية منذ بداية الانتفاضة الشعبية لإلقاء خطابات تتضمن مواقف المؤسسة العسكرية من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ إعلان الرئيس السابق عن ترشحه لولاية رئاسية خامسة.
ونظم العشرات من متقاعدي الجيش الجزائري، اليوم الخميس، تجمعا بساحة البريد المركزي، رفع فيه المتظاهرين شعارات مناهضة لكل من الحقوقي مصطفة بوشاشي وكريم طابو وهما ناشطان يثيران الجدل في الحراك الشعبي، وطالب عدد منهم بمتابعة هذان الأخيران أمام القضاء العسكري بسبب تصريحاتها حول قيادة الأركان.
وفي خضم هذه التطورات أجرى رئيس الدولة الجزائرية المؤقت عبد القادر بن صالح عملية تطهير جديدة في سلك القضاء حيث أنهى مهام كل من النائب العام بن كثير بن عيسى ومدير الديوان المركزي لمكافحة الفساد، مختار رحماني.
وكشف بيان الرئاسة الجزائرية أن بن صالح عين بلقاسم زغماتي نائباً عاماً لمجلس قضاء الجزائر، بعد أربع سنوات من إقالته من المنصب. وسبق لهذا الأخير وأن عالج ملفات فساد تفجرت خلال العقدين الماضيين “سوناطراك 1″ و”سوناطراك 2” وقضية الطريق السيار شرق غرب.