وافق الكنيست الإسرائيلي ليل الأربعاء-الخميس على حلّ نفسه وإجراء انتخابات تشريعيّة جديدة في 17 أيلول/سبتمبر، في سابقة في تاريخ الدولة العبريّة التي لم يسبق أن حلّ أيّ من برلماناتها نفسه بعد أقلّ من شهرين على انتخابه.
وبأغلبيّة 74 صوتاً مقابل 45، أقرّ النواب في قراءتين ثانية وثالثة اقتراح قانون حلّ الكنيست والذي قدّمه حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهو.
وأتى التصويت على اقتراح القانون مع انتهاء المهلة المحدّدة لنتانيهو، رئيس الوزراء المكلّف، لتشكيل ائتلاف حكومي، وتفضيل زعيم الليكود خيار العودة إلى صناديق الاقتراع على خسارة مهمّة التكليف لصالح شخصيّة أخرى كان بإمكان الرئيس رؤوفين ريفلين أن يُكلّفها مهمّة تشكيل الحكومة لو لم يحلّ الكنيست نفسه.
وفضّل نتانياهو العودة إلى صناديق الاقتراع، على الرغم من أنّ هذا الأمر ينطوي على مخاطر عالية بالنسبة إلى رئيس الوزراء الذي يُواجه لائحة اتّهام محتملة بتلقي الرشى والاحتيال.
وتُشير تقارير إلى سعي نتانياهو (69 عاما) للحصول على تشريع في البرلمان الجديد يُمكن أن يعطيه حصانة من المقاضاة.
ويُدرك نتانياهو، في حال تحقّقت آماله، بأنّه سيتقدّم على ديفيد بن غوريون، أحد الآباء المؤسّسين لإسرائيل والذي بقي في منصب رئيس الوزراء أكثر من 13 عامًا.
ومُنيَت جهود نتانياهو لتشكيل ائتلاف حكومي بالفشل، على الرّغم من فوز الحزب الذي يتزعّمه “الليكود” والأحزاب اليمينية والدينية بأغلبيّة 65 مقعدًا من أصل 120 في الانتخابات العامّة في 9 نيسان/أبريل المنصرم.
ومنع وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، نتانياهو من التوصّل إلى اتّفاقٍ لتشكيل الائتلاف الحكومي بسبب رفض ليبرمان التخلّي عن مطلب رئيسي.
وكانت المقاعد الخمسة التي فاز بها حزب ليبرمان “إسرائيل بيتنا” في انتخابات نيسان/أبريل كافية لإزعاج نتانياهو.
وتمحور الخلاف بين نتانياهو وليبرمان حول سعي الأخير إلى ضمان الموافقة على مشروع قانون يهدف إلى جعل الخدمة العسكريّة إلزاميّة لليهود المتشدّدين مثل غيرهم من اليهود الإسرائيليين.
ويُعتبر التحاق اليهود المتشدّدين بالخدمة العسكرية قضيّةً بالغة الحساسيّة في إسرائيل ويُواجه مشروع القانون معارضة من الأحزاب اليهوديّة المتشدّدة التي تشغل 16 مقعداً في البرلمان والتي يُريد نتانياهو أن يشركها في ائتلافه.
– “لا أريد الانتقام” –
وألقى ليبرمان خطابًا في البرلمان مساء الأربعاء، ووصف موقفه بأنّه مبدئي.
ولطالما رفع وزير الدفاع السابق لواء هذه القضيّة، وصرّح مرارًا عن رفضه محاولات اليهود المتشدّدين فرض قيود دينيّة على المجتمع الإسرائيلي.
وقال عن المحادثات المتوقّفة والاتّهامات الموجّهة إليه “اعتقدتُ بالفعل أنّني أرى كلّ شيء في السياسة الإسرائيليّة، لكنّني لم أر مثل هذه الكتلة من الفصام والافتراءات والمؤامرات”، في إشارةٍ إلى مزاعم الليكود بأنّ هدفه الحقيقي هو إطاحة نتانياهو.
وطالب المتشدّدين بـ”تمكين أعضاء الكنيست من التصويت على قانون التجنيد بالقراءة الثانية والثالثة حتى يُصبح تشريعًا، لأنّ القانون جيّد للأمن وللمتشددين ولدولة إسرائيل”.
واقترح على المتشدّدين الخروج من قاعة الكنيست أثناء التصويت على القانون وحتّى إقراره “حتى لا يتمّ إحراجهم”، مؤكّداً أنّ ليست لديه “أجندة خفية”.
وقال ليبرمان “لا أريد الانتقام، ليس لديّ ثأر ولا أسعى إلى إسقاط رئيس الوزراء”.
وأضاف “ليست لدينا أيّ نيّة للتخلّي عن التزاماتنا التي تعهّدنا بها للناخبين”.
وفي وقت ألقى رئيس الوزراء باللوم الكامل على ليبرمان وموقفه، أشار آخرون إلى مشاكل نتانياهو القانونية كعقبة أمام نجاحه في تشكيل ائتلاف حكومي.
ويقول حزب أزرق أبيض الوسطي المعارض الذي يضمّ قادةً عسكريين سابقين، إنّ التوصّل إلى اتّفاق مع الليكود سيكون ممكناً إذا سمح نتانياهو لشخص آخر من حزبه بتشكيل الحكومة.
وقال قادة أزرق وأبيض إنّهم لا يستطيعون الانضمام إلى حكومة يقودها نتانياهو بسبب شبهات الفساد التي يُواجهها.
ولو لم يحلّ الكنيست نفسه لكانَ بإمكان ريفلين أن يمنح نتانياهو أسبوعين آخرين في حال اعتبر أنّ رئيس الوزراء المكلّف هو الشخص الوحيد القادر على تشكيل الحكومة.
وقال ريفلين في شريط فيديو الأربعاء إنّه “سيعمل ما بوسعه لمنع التوجّه الى الانتخابات، لكن إذا عجز نتانياهو عن تشكيل الحكومة فلن يكون أمامه إلا خيارين، إمّا تكليف عضو كنيست آخر لهذه المهمة وإمّا الذهاب إلى انتخابات جديدة”.