لم يكن أُسبوع الجزائر، المُنصرم كبقية الأسابيع التي شهدتها الجزائر مُنذُ انطلاق الحراك في 22 فبراير / شباط الماضي، رغم أن بعضها حملت في طياتها تطورات مُثيرة كالأسبوع الذي شهد تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من الحُكم بعد أكثر من عقدين من الزمن والأسبوع الآخر الذي تلاه شهد توقيف كل من شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة ومُدير جهاز الاستخبارات المنحل محمد مدين المدعو توفيق وكذلك مُنسق مصالح الاستعلامات السابق الجنرال بشير طرطاق.
وشهدت الجزائر، منذ الأربعاء، تطورات مُتسارعة في مُطاردة رموز النظام السابق، وعلى مدار 48 ساعة كاملة شهد ما يُعرف اليوم بـ “نادي أثرياء الجزائر” أو ” سجن الحراش ” توافد أسماء ثقيلة الوزن لم يكن الوصول إليها بالأمر الهين، كان من أبرزهم رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحي وعبد المالك سلال وأيضا وزير التجار الأسبق عمارة بن يونس ورجل الأعمال البارز محي الدين طحكوت، إضافة إلى حبس الجنرال المتقاعد على غديري بتهم تقليد أختام وتزوير استمارات الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها في أبريل / نيسان الماضي قبل أن يُلغيها الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة.
وأجمع مُتتبعون للمشهد السياسي في البلاد على أن توقيف كل من أويحي وسلال، وايداعهما السجن المُؤقت سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الجزائري، بتهم “فساد” مُدوية من المرتقب أن تجر أيضا وزراء ومسؤولين في النظام السابق إلى نفس المكان، إذ من المرتقب أن يمثل أمام المحكمة العليا، الأسبوع القادم، وزراء النقل السابقون على غرار عمار تو وبوجمعة طلعي وعمار غول وهو رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، ووزير المالية السابق كريم جودي ووزير الفلاحة عبد القادر بوعزقي، ووزير الموارد المائية السابق حسين نسيب، بتهم منح امتيازات غير مبررة وإساءة استغلال الوظيفة، واستعمال أموال عمومية على نحو غير مشروع، وفي القضية ذاتها يتابع كل من والي العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ والوالي الحالي لولاية البيض جنوب غربي الجزائر محمد جمال خنفر، وعمت الفرحة شوارع وأحياء العاصمة الجزائرية خاصة تلك المُحاذية لسجن الحراش، الذي شهد توافد المئات من المواطنين للاحتفال بهذا اليوم التاريخي الذي وصفه نُشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بيوم من أيام الله الخالدة.
وحظيت حملة مُكافحة الفساد التي شملت اعتقال مسؤولين بارزين سابقين، بدعم شعبي واسع، حيث تظاهر الجزائريون اليوم الجمعة معلنين دعمهم لمطاردة ” أباطرة الفساد ” ومؤكدين تمسكهم بمطلبهم القديم بإبعاد رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من إدارة المرحلة الانتقالية.
وطغت على مظاهرات اليوم الشعارات المؤيدة للحملة على الفساد بعد اعتقال مسؤولين سابقين في مقدمتهم اثنان من رؤساء الوزراء في عهد بوتفليقة، وهما أحمد أويحيى وعبد المالك سلال اللذان نقلا مع آخرين إلى سجن الحراس بالعاصمة.
وحمل متظاهرون في العاصمة لافتات كتب على بعضها “سجن الحراس يقول: هل من مزيد؟”، و”بنيتو الحباس.. تدخلو قاع” (بنيتم السجون والآن تدخلونها جميعا).
ويقول في الموضوع المحلل السياسي احسن خلاص، في تصريح لـ ” رأي اليوم ” أن ” الحرب على الفساد ” تأتي في وقتها أياما بعد انقضاء شهر رمضان واستكمال التحقيقات التي بدأت يوم 26 مايو / آيار الماضي، ويعتقد المتحدث أن الهدف من ملاحقة المفسدين هو تصفية الأجواء السياسية قبل الرئاسيات القادمة، وأشار خلاص إلى تصريحات قائد المؤسسة العسكرية التي قال فيها إنه ” لا بد من المرور بسرعة إلى عملية التحقيق والمحاكمة وعدم ترك الفرصة للمتهمين للإفلات من العقاب.
ويرى المحلل السياسي أن هذه العملية ستسفح المجال لبروز مُرشحين جُدد وتجديد دم الحياة السياسية، ويشير إلى أن الجزائر اليوم أمام مرحلة تجديد الخارطة السياسية بعد سقوط زعماء الأحزاب التقليدية على غرار أحمد أويحي وعمارة بن يونس وزعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون، وقال إنه وبإيداع أحمد أويحي السجن المؤقت تم القضاء على أي دور سياسي له مستقبلا، خاصة وأنه كان يستعد لرئاسة البلاد في حالة تخلي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن الولاية الرئاسية الخامسة.