يعاني المشهد الثقافي في موريتانيا خلال الفترة الأخيرة من ركود كبير نتيجة نقص الحركية الثقافية والإبداعية، باستثناء البرامج الثقافية التي تبث في التلفزيون وعلى أمواج الأثير والتي تمنح المشهد الثقافي "قبلة الحياة" من حين لآخر.
وأدى استسلام المثقفين لهذا الوضع إلى روتين قاتل وجمود كبير وسخط في أوساط المثقفين الشباب الذين يتهمون الدولة بإهمال الثقافة والإساءة إلى سمعة "بلاد المليون شاعر".
وجاء قرار حجب "جائزة شنقيط للآداب والفنون" و"جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية" ليؤكد الوضعية الصعبة التي تعيشها الثقافة الموريتانية التي عجزت عن تقديم أي عمل يستحق الجائزة.
وكان مجلس إدارة "جائزة شنقيط"، وهي أرفع جائزة تمنح للكتاب والمثقفين في موريتانيا، قد قرر حجب "جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية" و"جائزة شنقيط للآداب والفنون" لهذا العام، مما أثار استياء الأدباء والمثقفين الذين اعتبروا أن حجب الجائزة إجحاف في حق الثقافة الموريتانية.
ويثير تردي الوضع الثقافي جدلاً واسعاً ويتسبب في تبادل التهم بين الأوساط الحكومية والثقافية. ويعتبر الكثير من المثقفين والكتاب أن أسباب الركود الثقافي هو ما تتعرض له الثقافة الموريتانية من تهميش وتبخيس وغياب للشفافية ونقص الدعم الرسمي.
وفي هذا السياق، يقول الباحث أحمدو ولد سيدي هيبه إن موريتانيا تحتاج إلى نهضة حقيقة لقطاع الثقافة لم تتحقق بعد رغم الوعود والمخططات التي تم الإعلان عنها، ويرى أن ركود القطاع الثقافي بموريتانيا يعود إلى عدم دينامية الفعل الثقافي وغياب بنى ثقافية وتجاهل المثقفين وعدم إشراكهم في التصورات والحلول.
ويضيف أن القرارات المرتجلة التي يتم اتخاذها لتجنب غضب المثقفين على القائمين على الشأن الثقافي، هي ذر للرماد في العيون واستمرار للأزمة وتبذير لميزانيات في سياسات عديمة المردودية.
ويشير إلى أنه ليس هناك حل سحري لتغيير الوضع الثقافي في فترة محدودة، بل إن الوضع يعتمد على تطوير سياسات الدعم والاستمرارية ومشاركة الجميع وانتهاج سياسة لا مركزية تتماشى مع تعميم الثقافة.
ويطالب المثقفون بمضاعفة مخصصات قطاع الثقافة، وتشديد الرقابة عليها وخلق إطار يتسم بالفاعلية لنشر الكتاب وتحفيز المجتمع على القراءة واستثمار وسائل الإعلام والإنترنت، وإقامة معارض وفعاليات ثقافية على مدار العام.
وكانت موريتانيا قد تخلت عن تنظيم تظاهرة نواكشوط عاصمة الثقافة الإسلامية قبل ثلاث سنوات، لعجز الوزارة والمرافق الحكومية عموماً عن استضافة الحدث ولعدم جاهزية اللجان الحكومية التي اختيرت لإدارة المشروع، مما أثار حنق وغضب الأوساط الثقافية والإعلامية على المسؤولين عن الشأن الثقافي واتهامهم بالتفريط بسمعة البلد الذي كان سيستضيف لأول مرة تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية.
العربية نت - نواكشوط - سكينة اصنيب