بالنظر إلى الزوبعة الاعلامية التي واكبت حفل تنصيب هيئة المعارضة الديمقراطية، أودُّ الاشارة إلى أنّنا أمام صنفيْن من صنوف المعارضة و نمطيْن من أنماط حبّ الوطن و الشعب..و كلّ منهما جدير بالتقدير و الاحترام.
هناك المعارضة المنتهية ولايتها، و هي معارضة نظيفة و نقية. و تتعاملُ مع السياسة بقدر من المُثل و القيم و الأخلاق و العاطفة و الطيْبُوبة...معارضة تحبّ الشعب و تعشقُ الوطن بطريقة "عُذْرِيّة" في غاية الجمال...حبٌّ عاطفي و صادق لأنه يدومُ و يستمرُ لعقود و سنين، و يبقى و يصمُد على الرغم من الحرمان والجوى و الظلم…إنّهُ حبٌّ مثالي، و لكنّهُ عقيم بنظر البعض...لا يُنْجبُ أطفالا ! إذْ يقتصِرُ صاحبُهُ في ممارسته، منذُ قيس بْنُ المُلوح إلى الآن، على إظهار المشاعر الجياشة اتجاه محبوبته...حبٌّ "روْحانِي" و "عمُودِي"، لا يُعطي صاحبه اهتماما كبيرا للمصالح و الخطط و التكتيكات سبيلا إلى تقدم علاقته بالمحبوبة...
و هناك المعارضة التي تتولّى الزعامة اليوم، و هي معارضة "واقعية" و "ابراغماتية". و تتعاملُ مع السياسة بقدر من القيم و الأخلاق و المبادئ، و لكن بشيء من الدهاء أيْضا و حسابات الربح و الخسارة..معارضة تحبُ الشعب و الوطن بطريقة "بشرية" عادية. تُراعي المصالح و العواقب و تزِنُ الأمور و تنظُرُ في الماكن و الممكن..حبٌّ يؤمنُ بالتدرّج. و يرسم أهدافا مرحلية. و يتقدّم أشواطا و يتراجع أشواطا بحسب ظروف المد و الجزر، و المُتاح...حبٌّ قد لا يكونُ بدرجة كبيرة من العُمق و النظافة، و لكنّهُ بدرجة عالية من العِرْض و النتيجة...صاحبُهُ يُغازل المحبوبة و يلامسُ همّها..و في بعض الأحيان يُهديها مسْواكْ..لتتعزّز العلاقة و تستمر!
دعونا نحترم الجميع و نعتزّ بالجميع...و نقدّر لكلّ ذي حبّ حبّه، و لكلّ ذي رأي رأيه...فالوطن بحاجة إلينا جميعا و ينتظرُ منّا أكثر من "التجاذبات" و "الفتن" الداخلية و الغوغاء.