احتدام الجدل بقوة حول طبيعة العلاقة بين ولد الشيخ الغزواني وسلفه

اثنين, 2019-09-09 11:33

أثارت بعض المواقف والقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مؤخرا ردود فعل متباينة وعلامات استفهام كبيرة حول طبيعة علاقة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بالسلطة ودوائرها خاصة بعد تنصيب خلفه وتسلمه مهامه بشكل رسمي.

من ذلك مثلا استياء أوساط واسعة من تصريحات الوزير الأول الأسبق يحيى ولد حدمين في مسقط رأسه ومعقله الانتخابي بجيكني؛ حين اعتبر أن الرئيس ولد الشيخ الغزواني يشكل ركيزة أساسية في نظام ولد عبد العزيز؛ وكذا تعيين الرئيس لأحد إكثر وزراء سلفه إثارة للجدل على رآس شركة "سنيم"، فضلا عن إصدار ولد الشيخ الغزواني مراسيم بتعيين ديي با مستشارة برئاسة الجمهورية وهي المعروف بولائها شبه المطلق لولد عبد العزيز الذي عينها من خارج دوائر السلطة في ذات الموقع، غداة انقلاب أغسطس 2008 الذي استولى من خلاله على السلطة؛ وآخر وزير أول في عشريته؛ محمد سالم ولد البشير،  وزيرا بالرئاسة، حتى قبل الإعلان عن تشكيل حكومته.

ومن التطورات التي زادت من شكوك داعمي الرئيس ولد الشيخ الغزواني التزامه الصمت التام منذ تنصيبه رغم تزايد المؤشرات الداعمة للطرح القائل باستمرار نفوذ ولد عبد العزيز على مستوى مركز القرار، بما في ذلك الحديث عن تعليمات رئاسية من ولد الشيخ الغزواني للسفارة الموريتانية في مدريد باستقبال هذا الأخير والاعتناء به، فضلا عن إصرار الناطق الرسمي باسم الحكومة على تأكيد ما صرحزبه سابقا من أن الحكومة الحالية ليست سوى "امتداد لحكومة فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

في المقابل قلل عدد من داعمي الرئيس ولد الشيخ الغزواني، خاصة من كانوا يعارضون سلفه، من أهمية تلك الأحداث والقرارات والمؤشرات؛ معتبرين أنها تدخل في إطار ما يعتبرونها "مرحلة انتقال سلس" على مستوى السلطة، تتم من خلال خطوات تدريجية بدأت بإعلان برنامج عمل الحكومة وحصوله على تزكية البرلمان.

وأيا كانت مواقف هذا الطرف أو ذاك فإن معظم المحللين والمراقبين عن كثب لما يجري من تطورات متسارعة في المشهد السياسي الوطني عموما وفي دوائر السلطة على وجه الخصوص، مجمعون على أن من غير الوارد توقع قطيعة بين نهج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ونهج سلفه محمد ولد عبد العزيز؛ حيث يعتبر الأول رفيق درب الثاني وشريكه في كافة مراحل عشرية حكمه؛ وظهرا جنبا إلى جنب عند انطلاق حملة الرئاسيات الأخيرة؛ وبالتالي يَرَوْن أن من غير الوارد توقع اعتماد ولد الشيخ الغزواني طرح وتوجهات المعارضة بمجرد توليه مقاليد السلطة بعدما فاز بها مدعوما من ولد عبد العزيز وأغلبيته بينما نافسته أبرز قوى المعارضة بشراسة.

ولا يستبعد هؤلاء أن يكون حديث رئيس الجمهورية، في خطاب تنصيبه، عن عزمه فتح قنوات للتشاور مع مختلف القوى السياسية وقوى المجتمع المدني في موريتانيا، وحرص وزيره الأول إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، على تأكيد هذا التوجه خلال حديثه عن برنامج حكومته أمام النواب، دليلا على أن الرئيس بصدد إرساء نهج جديد من الحكامة يقوم على التغيير الهادئ والسلس على أساس إشراك الجميع في بلورته وضمان ظروف مثلى لتحقيقه.