ووري جثمان الشاعر اللبناني جورج جرداق مؤلف قصيدة "هذه ليلتي" الثرى أمس الجمعة، وبذلك تنطوي صفحة مؤلفي أغاني أم كلثوم الذين توزعوا بامتداد خريطة العالم العربي. ويعد الشاعر المصري أحمد رامي (1892-1981) صاحب النصيب الأكبر من أغاني أم كلثوم التي تنازل بسببها عن كتابة القصيدة الفصحى وكتب بالعامية المصرية، وكان لقاؤهما الاول عام 1924 في أغنية "الصب تفضحه عيونه"، ولحنها الشيخ أبو العلا محمد أبرز أساتذة أم كلثوم، وربما تكون هذه الأغنية آخر ألحانه.
في ذلك العام غنت أم كلثوم لرامي أيضا "خايف يكون حبك لي شفقة علي" لحن أحمد صبري النجريدي.
وجرداق الذي توفي في بيروت الأربعاء عن 83 عاما لا يكاد يعرفه الجمهور خارج بلاده إلا بقصيدة "هذه ليلتي" التي لحنها محمد عبد الوهاب وغنتها أم كلثوم عام 1968.
وأقيمت مراسم جنازة جرداق أمس في كاتدرائية مار نقولا للروم الارثوذكس في حي الأشرفية ببيروت، ونقل جثمانه الى مسقط رأسه في جديدة مرجعيون.
وحكى جرداق كيف لحن محمد عبد الوهاب عام 1967 "هذه ليلتي" حيث كان عبد الوهاب مقيما في بيروت، وأخبر جرداق برغبة أم كلثوم في أن تغني له قصيدة؛ فكانت "هذه ليلتي" التي غنتها أم كلثوم للمرة الأولى في السودان.
ومثل جرداق كان الشاعر السوداني الهاديآادم أيضا صاحب القصيدة الوحيدة المشهورة على نطاق شعبي وهي "أغدا ألقاك" بسبب ذيوعها منذ عام 1971، حين لحنها عبد الوهاب وغنتها أم كلثوم التي عادت من السودان وهي تود أن تغني لأحد شعرائها. وكان آدم الذي توفي عام 2006 لا يحب الإشارة إلى "أغدا ألقاك" ويراها تلخيصا مخلا لمسيرته وشعره، ويعتبرها "لعنة" كأنه شاعر القصيدة الواحدة ويعتبر قصيدته "أكذا تفارقنا" في رثاء جمال عبد الناصر أفضل منها ويقول فيها.
أكذا تفارقنا بغير وداع/// يا قبلة الأبصار والأسماع ماد الوجود وزلزلت أركانه/// لما نعاك إلى العروبة ناع ماذا عسى شعري وخطبك اخذ/// بالقلب ماذا يخط يراعي يا صاحب الوجه النبيل وحامل /// الخطب الجليل وقمة الابداع وكان الشاعر المصري أحمد شفيق كامل من آخر الشعراء الذين عاشوا طويلا بعد رحيل أم كلثوم، ونال شهرته بسبب قصيدة "انت عمري"، التي أطلق عليها "لقاء السحاب" إذ كانت أول أغنية لام كلثوم يلحنها عبد الوهاب بايعاز من جمال عبد الناصر. وكتب كامل لام كلثوم "أمل حياتي" 1965 و"ليلة حب" 1973، وكلتاهما من ألحان عبد الوهاب و"الحب كله" ألحان بليغ حمدي.
ولكن كامل الذي توفي عام 2008 عاش في صمت واعتزل كتابة الأغاني العاطفية وباإحاح بعض أصدقائه أصدر قبيل وفاه ديوانه الذي حمل أشهر أغنياته "انت عمري". وبوفاة جرداق يغلق ديوان شعري اعتمدت عليه أم كلثوم في تنويع مصادر أغنياتها، لتشمل شعراء عرب قدامى مثل أبي فراس الحمداني وشعراء معاصرين من العالم العربي وخارجه حين قدمت عام 1967 "حديث الروح" للشاعر محمد إقبال (1877-1938) بلحن رياض السنباطي.
و"حديث الروح" التي اشتهرت بعد أن غنتها أم كلثوم؛ هي مختارات من أبيات قصيدتين لإقبال بعنوان "الشكوى" و "جواب الشكوى". وغنت أم كلثوم لشعراء غير مصريين منهم محمود بيرم التونسي، والسوري نزار قباني، والكويتي أحمد مشاري العدواني، والسعودي الأمير عبد الله الفيصل، إضافة إلى الفارسي عمر الخيام.