مكنت النجاحات النوعية المتواصلة التي أحرزتها المملكة المغربية في مجال محاربة جميع أشكال التطرّف العنيف بما في ذلك الأنشطة الإرهابية، من تبوئها موقعا رياديا في هذا المجال على الصعيد العالمي؛ إذ بات المغرب موضع ثقة كافة الشركاء الدوليين الثنائيين ومتعددي الأطراف كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والعديد من الهيئات والمنظمات الدولية المختصة.
تجسدت هذه الثقة وتلك المكانة في تولي المغرب؛ ممثلا بوزيره للشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة؛ الأربعاء في نيويورك؛ مع نظيره الهولندي؛ رئاسة الاجتماع الوزاري العاشر للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب المنعقد على هامش الدورة الــ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
ثقة لم تأت من فراغ ولا من باب الصدفة؛ إذ شكلت المقاربات الأمنية الناجعة والجهود المستدامة والمكثفة التي اعتمدها المغرب ونفذها؛ نموذجا عالميا دفع بالشركاء إلى اقتباسه والسعي للاستفادة منه في مناطق أخرى عديدة من العالم.
ولقد برهن المغرب، عمليا وباستمرار، على التزامه الجماعي الثابت والراسخ، باعتباره أساس مناعته، وعامل تعزيز لقوته في مواجهة جميع أنواع التهديدات ولم يفتأ يؤكد على مضيّه، بحزم، في مواصلة هذا المجهود، من خلال العمل على صيانة وتعزيز مكتسباته، والتصدي لكافة التحديات القائمة.
غير أن أبرز ما ميز المقاربة الأمنية المغربية لمواجهة الإرهاب هو طابعها الاستباقي الذي مكن إحباط العديد من الهجمات وهي في مراحل التخطيط والتحضير؛ ورصد وتفكيك عدد من الشبكات المحسوبة على تنظيمات إرهابية ذات نطاق عالمي.
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة؛ دعا خلال اجتماع منتدى مكافحة الإرهاب، إلى "مواصلة اتخاذ إجراءات حازمة ضد عوامل التحريض التي ساهمت في تنامي الإرهاب والتطرف العنيف، مشددا على أنه "مادامت هذه العوامل قائمة فإن الإرهاب سيظل تهديدا عالميا"؛ مضيفا أنه "يجب أن نخطو خطوة إلى الأمام ونظل متأهبين لمنع الإرهاب والتطرف العنيف من تهديد أرواح بريئة بطرق جديدة وأكثر فظاعة".
وحث بوريطة على التركيز بشكل خاص على مكافحة الإرهاب في إفريقيا؛ معربا عن أسفه لكون "القارة الإفريقية شهدت مستويات غير مسبوقة من العنف خلال سنة 2018.
كما سجل عدد الضحايا ببلدان منطقة الساحل خلال السنة ذاتها رقما يفوق بأربع مرات ما ماتم تسجيله سنة 2012".
وحذر رئيس الدبلوماسية المغربي من أن تنامي التطرف العنيف في إفريقيا ، بشكل مقلق، "يمكن أن يثير موجة جديدة من الإرهاب العالمي من شأنها تقويض، ليس فقط مستقبل القارة، بل الاستقرار الدولي أيضا".
من جهة أحرى، عبر السيد بوريطة عن اعتزاز المغرب بالرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لولايتين متتاليتين الى جانب هولندا، و بانتخابه للرئاسة المشتركة لهذا المنتدى بمعية كندا لولاية ثالثة مدتها سنتان.
وقال "إننا نلتزم بأن يضمن تجديد ولاية المغرب استمرارية المنتدى"، مؤكدا عزم المملكة على تعزيز مكانة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب داخل البنية الدولية لمحاربة الإرهاب، وإعمال جميع الآليات المتاحة لتعزيز التنسيق ومكافحة التهديد الإرهابي بشكل فعال.
وخلال هذا الاجتماع الوزاري العاشر، اعتمدت الدول الأعضاء في المنتدى أربع وثائق إطارية تنضاف إلى 34 وثيقة مماثلة سبق تبنيها.
ويتعلق الأمر بتوصيات "غليون" بشأن استخدام التدابير الإدارية المستندة إلى سيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب، وبملحق المنتدى للممارسات الجيدة بالنسبة للمرأة ومكافحة التطرف العنيف، مع التركيز على إدماج النوع، وكذا بمذكرة نيويورك بشأن الممارسات الجيدة في مجال منع سفر الإرهابيين، ومذكرة برلين بشأن الممارسات الجيدة في مجال مكافحة الاستخدام الإرهابي للنظم الجوية بدون طيار.
ويعد المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي تأسس سنة 2011، هيئة دولية تضم 29 بلدا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتتمثل مهمتها الأساسية في تقليص مخاطر تعرض العالم للإرهاب من خلال منع ومكافحة وملاحقة الأفعال الإرهابية والتصدي للتحريض على الإرهاب.
ويضم المنتدى خبراء وممارسين من بلدان ومناطق من جميع أنجاء العالم لتبادل التجارب والمهارات وتطوير الأدوات والاستراتيجيات بشأن كيفية التصدي لتطور التهديد الإرهابي.