حميد عقبي: سينما ومسرح الثورة ..أفكار من وحي انتفاضة الشارع العربي

سبت, 2019-12-07 08:39

توجد تحولات فكرية فنية مهمة تظهر مع ثورة الشباب والشابات في الشوارع العربية وخاصة في العراق ولبنان والجزائر ومن أهمها تنظيم عروض سينمائية ومسرحية وخلق أعمال فنية في الشارع من وحي الثورة وتحمل رائحة الحرية وعطر الغضب وهذه الأعمال تصور بشكل حي وتحمل روحا إنسانية وتوثق بطولات أبطال صغار انضجتهم التجربة الحياتية ويظل الشارع مسرحهم يموت بعضهم فيه وكل واحد هو مشروع شهيد.

مانزال نجهل الكثير عن هذه التجارب ونادرا ما تخصص القنوات الاخبارية الفضائية تقارير حية وصادقة لنقل مثل هذه التجارب وعبر قنوات التواصل الاجتماعي نسمع ونرى بعض الصور ومقاطع مصورة ونتمنى أن يتعهد بعض الأصدقاء والصديقات في العراق ولبنان بتوثيق ودراسة هذه المبادرات حيث أن لها أهمية كبرى ودلالات اجتماعية وفنية وفكرية تستحق الدراسة، هنا أخذت الصورة من صفحة صديقي وأستاذي  د. طاهر علوان.

هنا تطور ايدلوجي فكري خلقته حالة وعلى أيدي شباب وشابات أغلبيتهم لم يدرسوا نظريات الفن المعقدة والكتب الفلسفية عن الفن والثورة، هنا الأعمال الإبداعية حية يغلب عليها الإرتجال والبساطة وانعدام الدعم وهناك مقاطع فيديو بعضها زمنها أقل من دقيقة توثق حالة قنص لمتظاهر، لحظة الموت الأخيرة، حالات انفعالية وعاطفية وتتضمن حكاية صغيره بعضها يمكن أن يكون نواة لافلام طويلة أو رويات ولعل هذا يدفعنا أن نشعر بقوة روح الفن وقدرته الخارقة في التأثير وتوثيق ماسٱة الإنسانية، منذ قابيل وهابيل واوديب ملكا وجلجامش وغيرها من الأعمال الخالدة والفن يثبت قوته وينحاز إلى الإنسان.

هذه الأفكار الشابة تحتاج منا فهمها واحترامها وتشجيعها ولعلها تدفعنا إلى مراجعة أنفسنا والتعلم منها، الفنان الحقيقي هو الأكثر حساسية بمحيطه وهموم من حوله وما يحدث اليوم من حكايات يومية في شوارعنا تفوق بعضها أساطير قديمة خالدة، أن ينتحر أب لعجزه عن شراء شيء بسيط لابنته من الشارع في لبنان، أن نرى شباب وشابات بعمر الزهور يتصدون لعنف مفرط ويصاب منهم برصاص قناصة ومنهم من يداس بعربات عسكرية، أن نرى ناس بسطاء فقراء منهم من يوزع بعض الخبز للمتظاهرين أو تلك الفقيرة البكماء بائعة المناديل في بغداد، توزع المناديل بشفقة وهي تشعر بالرعب، نحن مع ايقونات إنسانية تعلمنا أسمى المعاني، تزرع الحب والمودة، هناك عرسان في الجزائر نزلوا إلى الشارع ليحتفلوا مع الناس، أطفال صغار يهتفون للحرية ومسنات مريضات وعجزة خرجوا لمناصرة الشباب.

أصبح من الممكن وبهاتف بسيط تصوير الكثير من الحكايات وهنا منبع إنساني في كل متر توجد حكاية وحقيقة، هنا الإبداع في إلتقاط اللحظة كون بعض الثواني أعمق وأقوى من أكبر فيلم في هوليود.

هذه الساحات الحية وهذه الجموع الغفيرة خرجت بشكل عفوي وتظل لقناعتها بقداسة المطالب كحق المواطنة والكرامة وكراهية الظلم وتقديس الحرية وهنا نحن مع نضوج فكري اجتماعي يزداد اشتعالا أي أننا مع جمهور يمتلك الواعي والحساسية الجمالية ولديه استعداد للتذوق والمشاركة الجمالية.

نتمنى أن نعرف أكثر عن هذه الأعمال المسرحية والسينمائية التي تولد حاليا من رحم هذه الثورات ومعرفة العروض ونتمنى من الأصدقاء والصديقات في العراق ولبنان والجزائر أن يكتبوا عن هذه الأنواع الفنية وتناولها بالتحليل والعرض وأن تنال حقها من الحياة.

 

تصفح أيضا ...