تعتبر محطة “الأمان” للقوافل التجارية وخان “باشخان” التاريخيين، في ولاية “بتليس” جنوب شرقي تركيا، من أبرز الأمثلة على الهندسة المعمارية التي تنتمي إلى الفترة السلجوقية.
وتثير كل من محطة “الأمان” للقوافل التجارية، التي تعرف باسم “كروان سراي”، وخان “باشخان”، اهتمام المؤرخين والسياح، لرمزيتهما التاريخية وتصميمهما المعماري الفريد.
ويعود تاريخ إنشاء المحطة إلى القرن السادس عشر الميلادي، وتشير المصادر التاريخية إلى أن بناءها تم على يد الباشا كوسة خسرو، بكلربكي (أمير أمراء) منطقة “وان” في العصر السلجوقي.
وشغل كروان سراي “الأمان” وخان “باشخان”، أهمية استراتيجية عالية خلال العصر السلجوقي، بسبب موقعهما على طريق الحرير التاريخي وهندستهما المعمارية الفريدة التي باتت ترمز للفترة السلجوقية.
وفي عصرنا هذا، يقف مبنيا الكروان سراي والخان شاهدان على ذروة التطور الفني والزخرفي والعمراني في العصر السلجوقي، متحديان بذلك الزمن رغم تعاقب السنوات والقرون.
ويتميز “الأمان” بكونه أكبر كروان سراي موجود في منطقة آسيا الصغرى (الأناضول)، وقد جرى ترميمه من قبل المديرية الإقليمية للمؤسسات الوقفية في ولاية بتليس، وذلك مع مراعاة المحافظة على مظهره وقيمته التاريخية.
ويحتوي كروان سراي البالغ طوله 90 مترًا بعرض 70 مترًا، على مسجد وحمام وحظائر للحيوانات وساحة فناء و160 غرفة و10 متاجر للحرفيين والتجار.
ويرتفع على أعمدة سميكة جرى إنشاؤها في القرن السادس عشر الميلادي من الحجر المقطوع، ويستقبل سنويًا آلاف الزوار المحليين والأجانب.
كما ينقل خان “باشخان” الذي تم بناؤه في القرن السادس عشر على الطريق الواصل بين تطوان وبتليس جنوب شرق الأناضول، زواره اليوم في رحلة عبر التاريخ، زاهيًا بروعة فن العمارة السلجوقية.
وقال والي بتليس أوقطاي جغتاي لمراسل الأناضول، إن مدينة بتليس التركية، تذخر بالمزارات التاريخية التي ترجع لنحو 7 آلاف عام.
وأضاف جغتاي أن المباني التاريخية لكروان سراي “الأمان” وخان “باشخان” وخان “الباشا”، والتي تعود للعصر السلجوقي، تعتبر أبرز المباني التاريخية في ولاية بتليس.
وتابع، إن “خان (باشخان)، يعبر عن روعة الفن المعماري الذي تبلور خلال القرن السادس عشر في كنف الدولة السلجوقية. لقد جرى ترميم كروان سراي وخان باشخان. ما بين عامي 2016-2017 بتكلفة بلغت مليونًا و520 ألف ليرة تركية. وهو منذ ذلك التاريخ يستقبل آلاف الزوار الذين يأتون لرؤية هذين الصرحين التاريخيين من داخل وخارج البلاد”.
بدوره، قال نائب رئيس جامعة بتليس، الأستاذ الدكتور محمد دميرطاش، إن كروان سراي، كان يوفر مكانًا آمنا لقوفل التجارة عبر التاريخ.
وأضاف لمراسل الأناضول، أن المسافرين في القوافل التي كانت تجوب الشرق والغرب على طريق الحرير كانوا يستطيعون اخذ قسط من الراحة في الكروان سراي ويحظون في المكان بخدمات مميزة.
وأشار دميرطاش، أن الدولة السلجوقية دعمت إنشاء الخانات والكروان سرايات على طريق الحرير التاريخي، لتشجيع التجارة بين الشرق والغرب.
ولفت أن الحركة التجارية التي شهدت زخمًا في المنطقة خلال العصر السلجوقي، ساهمت إلى حد كبير في إعمار آسيا الصغرى.
ونوه إلى أن الخانات التي امتدت على طريق الحرير ساهمت في تلبية احتياجات المسافرين وتوفير سبل الراحة لهم.
ولفت دميرطاش أن الخانات والمحطات الموجودة في المنطقة، تشكل اليوم عامل جذب سياحي مهم، وأن الكثير من السياح يأتون إلى حيث وجدت هذه الصروح التاريخية من أجل رؤية روعة الفنون المعمارية التي ازدهرت في فترة الدولة السلجوقية.