أدب التغير المناخي.. روايات متشائمة لمستقبل العالم الحديث

اثنين, 2019-12-16 08:51

صدرت عام 1889 رواية الأديب الفرنسي جول فيرن “رأسا على عقب” أو “شراء القطب الشمالي”، وهي قصة خيالية لمشروع هندسي طموح لتغيير ميل محور الأرض وجعله عموديا مثل كوكب المشتري، لكن هذا التغيير سيؤدي لإنهاء الفصول الأربعة وتساوي الليل والنهار وثبات المناخ في كل مكان في العالم على مدار السنة.

ومع ذلك كانت الآثار الجانبية لهذه الخطة الطموحة هائلة، إذ كان متوقعا أن تغمر المياه العديد من البلدان الآسيوية، بينما ستكسب بلدان أخرى -مثل أميركا- أراضي يابسة جديدة. وقد أثارت الفكرة حالة من الذعر والغضب، وتم إيقاف المشروع والقبض على القائمين عليه نتيجة الاحتجاجات الشعبية الواسعة.

وفي الواقع فإن المشروع الهندسي الذي تخيله جول فيرن يكاد يكون مستحيلا من الناحية العلمية، لكن الآثار الكارثية لتغير المناخ في القرن الحادي والعشرين وارتفاع سطح الماء واحتمال غمر مدن ساحلية به، ليست قصصا خيالية تنتمي لأدب “التغير المناخي” وإنما باتت واقعا ملموسا.

ويتناول الجنس الأدبي الجديد “الخيال المناخي” -على غرار “الخيال العلمي”- موضوعات التغير المناخي والاحتباس الحراري في المستقبل القريب، ومن الأعمال المبكرة التي تؤسسه كثير من أعمال جول فيرن،  وروايات أخرى بينها “الريح من أي مكان” للبريطاني جي بالارد الذي يروي فيها تراجع الحضارة البشرية بسبب ارتفاع منسوب المياه والأعاصير المستمرة.

رواية “الحرب الأميركية”

في هذه الرواية المليئة بالإثارة والرعب، يروي الكاتب الكندي عمر العقاد قصة تجري أحداثها في المستقبل القريب في أميركا التي يدمرها تغير المناخ وتندلع فيها حرب أهلية ثانية على خلفية استخدام الوقود الأحفوري.

ويحكي العقاد -الذي ولد في مصر ونشأ في قطر- أحداث أواخر القرن 21 في عالم مزقته التغيرات المناخية، ويشهد بطل الرواية مقتل والده بهجوم لمليشيات الشمال، فينتقل إلى مخيم لاجئين في عمر الطفولة، ويشهد أحداث عام 2074 عندما يتم إقرار مشروع قانون يحظر استخدام الوقود الأحفوري في أميركا، فتنفصل ولايات أميركية عن الاتحاد وتحتل المكسيك تكساس بينما تدخل “الولايات الجنوبية الحرة” المتبقية في حرب مريرة.

ويتنقل بطل الرواية من مخيم لاجئين إلى آخر قبل أن ينخرط في حرب عصابات ويغتال جنرالا شماليا كبيرا، ويُحتَفل به بطلا من قبل الولايات الجنوبية الحرة، لكن هجوم الشمال ضد المتمردين الجنوبيين يتصاعد فيقبض على بطل الرواية ويتعرض لتعذيب قبل أن يفرج عنه لاحقا ويعود لممارسة نشاطه مرة أخرى.

وفي خضم الأحداث يحضر موضوع تغير المناخ، فبسبب ارتفاع منسوب البحر والفيضانات غمرت المياه ولاية فلوريدا وولايات أخرى، وهاجر سكانها بالكامل خاصة في الساحل الشرقي، ونُقلت عاصمة الولايات المتحدة. كما تصبح الجزيرة العربية حارة جدا وغير قابلة للحياة، بينما تحدث فيضانات خطيرة وواسعة النطاق في جنوب آسيا.

رواية “عام الفيضان”

في روايتها الثانية ضمن ثلاثية ديستوبية مخيفة، تروي الأديبة الكندية ماغريت آتوود قصة فيضان أو وباء عالمي تسبب فيه الجشع البشري الذي أدى كذلك لارتفاع مستويات سطح البحر، وتتناول حكاية طائفة نباتية كرست نفسها للحفاظ على العالم الطبيعي المحاصر.

تتوقع طائفة “بستاني الإله” حدوث كارثة تقضي على البشر أو ما يسمونه “فيضانا من دون ماء”، ويصبح تنبؤهم صحيحا مع تفشي وباء فيروسي يتحصن الناجون منه في أماكن معينة.

وتتناول الرواية إمبراطورية الشركات وتغوّل الرأسمالية على البيئة، وتحكي عن الوحشية وعواقب تدمير الحياة الطبيعية واستخدام النفط على نطاق واسع، وتتعرض كذلك لمشكلات ندرة الموارد وتجارب الهندسة الوراثية.

رواية “البحر والصيف”

تعد رواية الأسترالي جورج تيرنر لعام 1987 واحدة من أقدم الأمثلة على “الأدب المناخي”. ويحكي تيرنر عن ناطحات السحاب في ملبورن الأسترالية التي تغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.

وتقدم القصة نموذجا للتفاوت الهائل بين الأغنياء والفقراء، وتقول أدلين جونز بوترا الأكاديمية المختصة بالأدب الإنجليزي في جامعة ساري البريطانية إن الرواية تقدم تجربة فكرية مستقبلية حول آثار تغير المناخ على مجتمعنا المنقسم بالفعل.

رواية “يوميات الكربون 2015”

بعد تزايد ظاهرة الاحتباس الحراري ، تختار بريطانيا أن تكون أول دولة تقنن استخدام الكربون المسؤول عن الظاهرة بحسب علماء البيئة في رواية الكاتبة البريطانية ساكي ليويد.

وتبلغ لورا براون 16 عاما، وتلتزم بالقيام بدورها لإنقاذ البيئة، وتتعايش مع تقنين استخدام الكربون في نمط حياة شديد الصعوبة، مما يؤدي إلى أعمال شغب ونهب في جميع أنحاء لندن

ويعاني سكان لندن في الرواية من الجفاف المرير الذي يهدد الحياة ومن تزايد الحرارة والفيضان المدمر على مدار العام، ويؤدي ذلك لفقدان العديد من العلاقات الاجتماعية وضعف المجتمع وتحولات سياسية كبيرة بسبب تغير المناخ جذريا.

تبدو الرواية واقعية رغم خياليتها، فأبطالها يدركون أنهم بحاجة لحرق الوقود بمعدلات أقل بكثير وحتى قيادة السيارة للضرورة فقط، لمكافحة الاحتباس الحراري، ومع ذلك يمتزج الضحك بالرعب في الرواية التي يستخدم أبطالها نظام النقاط لقياس استخدامهم للكربون والطاقة.

رواية “ذاكرة المياه”

في روايتها لعام 2012، تروي الكاتبة الفنلندية إيمي إيتارانتا قصة تحول المياه إلى سلعة ثمينة ونادرة في شمال أوروبا في المستقبل البعيد.

وتقرر فتاة صغيرة أن تشارك المياه مع أصدقائها وزملائها القرويين، فتواجه اتهاما خطيرا بارتكاب “جريمة المياه” التي تصل عقوبتها للإعدام، وتساعد الرواية على التفكير في قيمة الموارد الطبيعية واحتمالية ندرتها.

 هوس الجدار

في عام 2019، صدرت رواية “الجدار” المتشائمة للصحفي والأديب البريطاني جون لانشستر الذي يمزج فيها بين تنامي المشاعر المعادية للاجئين في بريطانيا وبين ارتفاع منسوب مياه البحر عالميا لدرجة اختفاء الشواطئ من كل أنحاء العالم.

لكن السلطات البريطانية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي تبني جدارا كبيرا لمنع الهجرة وحماية البلاد من ماء البحار المرتفع باستمرار، ويقضي كل بريطاني -في الرواية- عامين من حياته في خدمة الجدار، لكن هذا الهوس الوطني بالحدود يصرف الناس عن تداعيات التغير المناخي الهائلة.

تصفح أيضا ...