لا شك بأن كل متابع وخبير في القضية الأزوادية يدرك بأن حلها يكمن في الإجابة على سؤالين... الأول: إلى أي مدى فرنسا مستعدة للتقدم في أعمالها الاستعمارية في أزواد...؟ الثاني: إلى أي مدى يستعد الازواديون لتقديم التضحيات من أجل حريتهم...؟
قبل الدخول في التفاصيل نستخلص من السؤالين بأن محوري هذه القضية مهما تعددت التسميات واختلفت الأشكال والألوان وتعددت الأهداف والشعارات هما إثنان .. فرنسا المستعمرة وتوابعها من جهة، والشعب الأزوادي من أخرى... كلنا يدرك بأن فرنسا دخلت هذه الأرض قبل حوالي قرنين من الزمان ولم تخرج منها حتى يومنا هذا ولا تعتزم ذلك طواعية حتى تحقق كامل أهدافها.
ونستطيع تلخيص هذه الأهداف إلى ثلاثة أقسام... أولا: الأهداف الاقتصادية، وهي إستغلال ثروات المنطقة والسيطرة على كامل مواردها.
الثاني: الأهداف السياسية، وهي السيطرة على هذه المنطقة التي تعتبر استراتيجيا بوابة العرب الخلفية وبوابة الزنوج الأمامية وقلب الأمازيغ ومعبر المافيات العالمية الصحراوي.
الثالث: الأهداف الثقافية، وهي عمليات التبشير وترويج الثقافة الجنسية الإباحية الفرنسية كالمثلية والشذوذ إضافة إلى ما يعززها من محافل ومهرجانات. وبالنسبة للشعب الأزوادي عموما فهو إلى الآن لا يعرف غير شيء واحد، ألا وهو مطلب إستقلال أزواد، والعجيب بأنه لا يدرك حتى من هو المحتل الحقيقي...!!! لكن مع ذلك هذا الشعب يتقدم قليلا قليلا نحو مطلبه، يحيد عنه تارة ويتوه أخرى لكنه ما طفق يعود إلى صوابه ليعمل على تحقيق مراده... وحتى يومنا هذا تنجح فرنسا في تضليله عن المحتل الحقيقي، فتارة توهمه بأن حكومة مالي هي المحتل وأخرى تصور له القاعدة وأخيرا جعلت له الحكومة الجزائرية هي الخصم الحقيقي إضافة إلى القبلية التي تسعرها في اوساطه ...!!! بينما تستمر هي - فرنسا - في تعزيز وانتشار قواتها وتشييد قواعدها وحشد التأييد من توابعها وجمع التمويل من حلفائها، وهي مدركة تماما بأن الشعب الأزوادي سيستفيق قريبا من غيبوبته ليحدد من هو محتله الحقيقي وخصيمه... وإلى أن يحدث ذلك تعمل فرنسا في خطين متوازيين، الأول هو العمل على أهدافها الاستعمارية و الثاني هو تدشين خصماء وأعداء للشعب الأزوادي في الداخل والخارج بغية الهائه، وسيستمر ذلك حتى يأت أمر كان لزاما !!!... المواجهة... هنا يأت السؤال، الى أي مدى؟
- تعتزم فرنسا المضي في مشاريعها.. - يعتزم الازواديون في تحقيق اهدافهم... من المؤكد أن كلا الطرفين لن يختارا المواجهة إلا أنها سوف تفرض عليهم متى استمرا في سعيهم لتحقيق مئاربهم لتقاطعها... فالشعب الأزوادي المنهك في جميع المجالات والمشرد شعبيا لن يفكر مجرد التفكير في مواجهة إحدى أعتى الدول العظمى والمتفوقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا بما لا يقبل المقارنة... كذلك الحكومة الفرنسية المتهالكة سياسيا واقتصديا في الداخل خصوصا ستحاول تجنب التجربة الروسية في أفغانستان والأمريكي في العراق خصوصا وأن العالم تغير ألف مرة منذ ذلك الحين... إلا أن حتمية التقاطع من جهة وسعي الطرفين في تحقيق الأهداف من جهة أخرى وعدم التنازل عنها يعزز تلك الفرضية بشدة، ويبق السؤال... من سينتصر في النهاية..؟
من المؤكد بأن الدائرة الأولى سوف تكون لفرنسا مئة بالمئة حيث سيتم تهمة أزواد والازواديين بالإرهاب وتصديره وعليه سوف يرصد جميع سياسييهم وناشطيهم في الداخل والخارج تحت التصفية والاعتقال. وستوضع المنطقة في طوق إعلامي وعسكري تحت التعتيم من جهة والانغلاق من أخرى، فلا شيء يدخل ولا شيء يخرج، وعليه سوف تقوم فرنسا بعملياتها الابادية المعتادة ضد الشعوب الثائرة ضدها كما حدث في كل مستعمراتها ...!!! مع ذلك سوف يشق الأزواديين سبيلهم في عدة طرق، إعلاميا عبر إستغلال الانترنت عموما و وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا، ثم كسب تعاطف الشعوب في جميع أنحاء العالم خصوصا المستعمرة ، ثم النضال المسلح في الجبال والصحاري والغابات " كر وفر " فالأرض مع أصحابها... وأخيرا: لابد من تدخل إحدى الدول العظمى في صالح أزواد طمعا في ثرواته كما فعلت أمريكا ضد روسيا في أفغانستان، وسيكون ذلك بمثابة النافذة التي قد تخرج منها فرنسا خاسرة... إلا أن الأزواديين بدورهم قد يتورطون أيضا في مستعمر آخر كما علمنا التاريخ وسيخسرون كذلك مالم يحسنوا التصرف وإدارة عجلة السياسية بكل حنكة وعزم... لكن...!!! هل هذا السيناريو أعلاه معقول..؟ هل فرنسا فعلا بهذه السذاجة..؟
ألا يمكن أن تتوصل فرنسا إلى إتفاق مع الأزواديين لتحقق أهدافها من خلاله..؟
وهل الأزواديين حقا ثابتون وصامدون..؟ ألا يمكن تثبيطهم لتخور عزائمهم..؟ أليست مالي قادرة على على إنهاء هذه القضية بالقوة من جهة وشراء الذمم من أخرى كما فعلت سابقا..؟ ونترك هذه الإجابات لقادم الأيام...