حوار أدبي رفيع بين الشيخ محمد الأمين ولد امحيميد و العميد أحمدو ولد عبد القادر

أحد, 2020-01-12 14:43

لم يكن الشيخ محمد الأمين ولد سيد امحمد ولد محمد محمود ولد امحيميد (رحمه الله) مجرد زعيم تقليدي مسموع الكلمة ومحط إجماع ومرجعية جامعة على مستوى مقاطعة تمبدغة والشرق الموريتاني عموما؛ ولم يكن مجرد إداري مشهود الكفاءة ولا مجرد سياسي محنك ذَا رؤية وطنية ثاقبة، فحسب؛ كما لم يكن أديبا جزل الإنتاج رفيع الذوق فقط، بل كان شخصية وطنية استثنائية ذاع صيتها وعم ذكرها الطيب كامل ارجاء موريتانيا من باسكنو شرقا إلى نوامغار غربا، ومن أنتيكان جنوبا إلى عبن بنتيلي شمالا..

جمع بين الزعامة التقليدية وبين الشعر والادب؛ مع الحنكة السياسية والكفاءة الوظيفية، إلى جانب الكرم والسخاء وسمو الأخلاق.

ولد سنة 1925 بآرشان ادخينه 30 كلم جنوب مدينة تمبدغه، لوالده الوجيه سيد امحمد ولد محمد محمود وأمه فاطمة منت ختار.

تخرج من مدرسة أبناء الأعيان وعمل واليا وحاكما ثم عمل نائبا ورئيسا للجمعية الوطنية وعمدة في آن واحد، توفي رحمه الله سنة 2008.وهو من أعلام مدرسة تمبدغه وهو الفارس الجامع بين السيف والقلم، بين السياسة والأدب، والمُظاهر بُردَيْ أصالة ومعاصرة.

من أدبه :

اسبوعِ بالنٌيشاَيْ :: متعدٌل يالعَطايْ

ءلا گط امن انتشايْ :: الدّنيَ جبرُ حد

زَين اَسبُوع أكنكايْ :: ءُزين اسبُوع المحردْ

غير أسبوع ادبايْ :: مَن لَعمَر مَاينعدْ

مُلاه إلّ غَلاهْ :: امش عَنٌُ واگعدْ

وابْگيت آنَ مُراهْ :: ماشتكيتْ اعل حدْ

ويقول رحمه الله :

ليلَه بعد إفلخيام :: إلِّ عند أعرّام

حد افعَله لكلام :: الخاسر عِمْلْ إعليه

واعمل زاد إعلَ أيام :: حابس سيگو فايْديه

ماه فوگ التخمام :: واشْفَ فيه أعاديه

ؤذاك إلّ فيه الخير :: أشبهْ حدْ إواسيه

ليلَه فالخير أخير :: من وحدَ ماهِ فيه

وله :

يامس عند الكركارْ:: جاوْ إعلينَ خطـارْ

گالو عن بلحبـار:: أهلُو عادو بـگيـل

واعلمْ بيهَ بكـار::واجحدهَ بيهْ الويل

ءُلا حسّيت ابلخبـار::إلين إلعـاد الليـل

أمّـانَ يالمعبـودْ :: لُكنتْ اعلمت اگبيل

عنهم فَـ گيلْ انعـود :: گيلتْ ألاّ فَگيـلْ

ظل الكركار طللا شامخا كجبل التوباد، بكاه الشيخ محمد الأمين واستبكى خليليه عنده، وقال لهما قفا. وعندما جاءت شركة "مندز جونيور" البرازيلية التى أشرفت على إنشاء طريق الأمل تطلب تكسير حجارة الكركار لتنشئ منها "اگرافيَ" لدعم الطريق، رفض الشيخ محمد لمين المساس بتضاريس الطلل الرمز، فصرفت عنه "مندز" النظر.

قد يهونُ العمرُ إلا ساعة :: وتهونُ الأرضُ الا موضعا

لقي العميد محمدن ولد سيد إبراهيم، الشيخ محمد الأمين ولد سيد امحمد،

فسأله العميد : بكار مزال فيه الويل؟

فأجابه الشيخ محمد الأمين : يَفْـنَ

ومما يحكى أن الأديب الكبير أحمدو ولد عبد القادر سافر مرة إلى تمبدغه في مهمة تدخل في اطار عمله و جاء الى صديقه الشيخ محمد الأمين وفي سمر أدبي بإحدى الليالي تطارح الشيخ محمد الامين وأحمدو حول الأدب، فقال الشيخ محمد لمين لأحمدو ممازحا:

إن من مآخذي على (اغْنَ) أهل الگبله، أن قائله لا يصرّح بما في نفسه، ولذلك لا يفهم المتلقّي القصد من وراء رسالته إلا بجهد وكد.

فرد عليه أحمدو قائلا: وأنا كذلك مأخذي على (اغْنَ) أهل الشرگ أنه يصرّح بكل شيء، ولا يمنح المتلقّي فرصة لتأويل المعنى، أو قراءة ما بين السطور"فرد عليه الشيخ محمد الأمين اتركك من الدعوى، ولنحتكم إلى النصوص ..سأروي لك أجمل كاف بالنسبة لي من (اغن) أهل منطقتنا ولترو أنت بدورك أجمل نص من منطقتك..

فقال له أحمدو: لك ذلك، ولتكن أنت أول من يلقي.

فقال الشيخ محمد الأمين: أجمل كاف بالنسبة لي:

يَهْلْ اسْويْدْ الْمَاهْ الْحِلَّه :: نَاصِحْكُمْ، وَصْلِي نِبْغِيكْمْ

عغير أراه فيكم طِفْلَه :: لَا كِبْـرِتْ فِـيكُـمْ تِخْلِيـكُمْ

فقال أحمدو أما أنا، فأجمل نص بالنسبة لي هو:

نَعْـرَفْ مَـرَّه كَـطَّـيْـتْ :: اعْـلَ جَـمْـلِـي شَـدَّيْـــتْ

گـيَّـمْـتْ ابْـتَـاسِـدْبِـيـتْ :: مِنْ كِيفْ الشَّمْسْ اجْبَـاتْ

مِنْ عَنْـدْ انْـوَيْشْ ؤُجَيْتْ :: الْـمَـغْــرِبْ لِامْـبَـمْـبَاتْ

فقال له الشيخ محمد الأمين ..وخلاص ؟

فأجابه أحمدو ..وخلاص.

تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.