مخاطر ظاهرة التمايز الجغرافي على الوحدة الوطنية

خميس, 2014-11-27 13:00

في العقد الأول من الاستقلال، و برعاية خاصة من الرئيس المختار رحمه الله، كانت المصالح المُكلفة بالعقارات و باقتطاع و منح القطع الأرضية [Domaines] و اللوازم [Matériel] المعنية بتوزيع المساكن و الشقق التابعة للدولة على الموظفين و الوكلاء مُلزَمةٌ بمُراعاة العدل و الانصاف بين الناس قدْرَ المُستطاع . و كانت لها صلاحية اتخاذ كلّ الإجراءات التفضيلية التي تراها مُناسبة لتشجيع التداخُل و الاختلاط بين مكونات الشعب في السكن لتوطيد وشائج القُرْبى و الوحدة و الوئام بينها، و مُعاشرة بعضها بعضا...

هكذا مثلا، كانت كلّ الفئات و الشرائح و الأعراق تتعانق على مدار اليوم و السنة في شقق و مساكن مُتداخلة في المدائن [،Medina 3،Medina G، Medina R إلخ] و الأحياء الادارية [ ابْلوكات ، حي ف [îlot V] حي أ.[îlot A]..حي ب.م.د [BMD]، إلخ...]. تتداولُ الأواني المنزلية، و تتعاطى الهدايا، و تتبادلُ الابتسامات و الاكراميات. هذه السياسة، رغم كونها لم تقض على الولاءات الضيقة و لم تمنع التوترات في بعض المناسبات [أحداث 66، مثلا]، إلاّ أنّها أعطت نتائج إيجابية في المحافظة على اللحمة الوطنية و التماسك الاجتماعي.

و استمرّت الأمور تحت السيطرة على هذا النحو إلى أن بدأت موجات الجفاف القاسي [69 و 72] تعصفُ بالبلاد و تحرقُ الأخضر و اليابس...و بدأت معها موجات نزوح مُتلاحقة من الريف إلى المُدُن بشكل مُذهل و سريع لم تستطع الدولة مواجهة انعكاساته و تأثيراته الكارثية...فكانت بداية الفوضى المعمارية و العقارية و الأحياء العشوائية...وصولا إلى استفحال ظاهرة التمايُز الجغرافي المنافي مُطلقا لمبدأ الوحدة و الاندماج.