اعرب عميد جامع باريس الكبير، شمس الدين حفيظ، سياسة الحكومة الفرنسية التي وصفها بالتمييزية ضدّ المسلمين، ملوّحا باللّجوء إلى القضاء، وذلك بعد تصريحات لرئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، أبدى فيها الاستعداد لتغيير موعد إعادة فتح دور العبادة للمسيحيين واليهود دون المسلمين.
وعبر الإمام شمس الدين حفيظ عن استيائه واستنكاره إقصاء المسلمين، موضحا، في بيان حول الموضوع، أن الحكومة الفرنسية اختارت تاريخًا يحترم أعياد المسيحيين واليهود، ولم تأخذ بعين الاعتبار أعياد المسلمين الفرنسيين، ملوّحًا باللجوء إلى القضاء بتهم التمييز في المعاملة.
ويعود قلق المسلمين في فرنسا وشعورهم بالاستياء إلى إعلان رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، أنّ الشّعائر الدّينية العامة قد تستأنف بصفة مشروطة، يوم 29 مايو الحالي، وهو تاريخ يصادف عيدين هامّين، أحدهما يهودي والآخر مسيحي، دون وضع اعتبار لعيد الفطر الّذي يسبق هذا التاريخ بأيّام، وبالتّحديد يوم 24 من الشهر الجاري، بعد حملة قادتها دوائر الهوية الكاثوليكية للمطالبة بفتح أماكن العبادة في فرنسا مع بداية موعد الرفع التدريجي للحجر الصحي، وتجاوب معها إدوارد فيليب، وألمح إلى إمكانية إقامة القُدّاس والصّلوات انطلاقًا من 29 مايو الجاري.
ورغم تأكيد الحكومة الفرنسية منذ بداية إعلان الحجر الصحي من أنّ دور العبادة والتجمّعات الدّينية ستبقى ممنوعة حتّى الثاني من شهر يونيو 2020، إلّا أنّ رئيس الوزراء الفرنسي أكّد في خطابه أمام مجلس الشيوخ لتقديم خطة رفع الحجر الصحي، على أهمية الرّابط الروحي للمتديّنين في هذه الفترة العصيبة، وقال إن الحكومة تدرس إمكانية السماح بالتجمّعات الدّينية ابتداء من نهاية شهر ماي، حيث تحتفل عدّة ديانات بأعياد مختلفة: مثل عيد العنصرة في فترة الفصح لدى المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت، وأيضًا عيد الشفوعوت أو الأسابيع لدى اليهود.
وربط رئيس الوزراء الفرنسي هذا بالتعليمات الّتي أعطيت لبقية المؤسسات التربوية والاقتصادية الفرنسية الّتي تعاود نشاطها بداية من 11 مايو الجاري، حيث يكون السماح بإقامة الصّلوات مرهونًا بتحسن الإجراءات المتخذة لوقف تفشي وباء كورونا.
وقال عميد مسجد باريس الكبير، شمس الدين حافظ، في البيان الذي حمل عنوان “لماذا يمكن لمسجد باريس الكبير أن يلجأ إلى القضاء؟”:
“إذا كان لا بدّ لنا أن نعبّر عن دهشتنا وخيبة أملنا اليوم، فذلك بسبب التغييرات غير المبرّرة الّتي تقوم بها السلطة التنفيذية، عندما تعلن إمكانية القيام بالاحتفالات الدّينية في أماكن العبادة قبل الموعد المقرّر”.
واعتبر شمس الدين حفيظ أنّ “هذا النهج لا يخدم الجمهورية ولا المجتمع ولا مكافحة وباء كورونا”، مشيرًا إلى أنّ هذا القرار “من شأنه أن يخلق عدم مساواة بين المواطنين”، حيث كان بمقدور رئيس الوزراء، إدوارد فيليب، أن يُقرّر فتح دور العبادة في 24 مايو حتّى يتسنّى أيضًا للمسلمين الاحتفال بعيد الفطر ونهاية شهر رمضان، معتبرًا أنّ الأمر “مهين للغاية”، وهدّد بنقل القضية إلى المحكمة. وقال البيان “إنّ السلطات الإسلامية في فرنسا تستنكر وتستهجن سياسة الكيل بمكيالين، فالحكومة تراجعت عن قرارها السابق بفتح دور العبادة في 2 يونيو واختارت موعدًا جديدًا في 29 مايو، يتزامن مع أعياد المسيحيين واليهود، ولا يأخذ بعين الاعتبار أعياد المسلمين”.
وأشار بيان مسجد باريس إلى أنّ السلطات المسؤولة عن شؤون المسلمين الدّينية في فرنسا كانت سبّاقة، وقبل أن تصدر تعليمات الحكومة بخصوص الحجر، قرّرت غلق المساجد وعدم وإقامة الصّلوات الجماعية.
ومنذ بداية شهر رمضان تجاوب المسلمون مع التعليمات الصحية، وامتنعوا عن إقامة صلوات التّراويح، وبالتالي سيكون من الصعب عليهم أن يتفهّموا السماح لبقية الأديان بالصّلاة والتجمّع في أعيادهم، وعدم السّماح للمسلمين بذلك، علمًا أن أربعة أيّام فقط تفصل عيد المسلمين بعيد الفصح. من جهته، قال رئيس مرصد مكافحة كراهية الإسلام وعضو مجلس إدارة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، عبد الله زكري: “أعتقد أنّ الحكومة تعرّضت لضغوط”، وأضاف “لا ينبغي فتح أماكن العبادة قبل 2 يونيو المقبل، ولا حتّى الاحتفال بعيد الفطر الّذي يجلب حشودًا كبيرة إلى المساجد”، مؤكّدًا أنّ ذلك “سيعرّض المؤمنين وأحباءهم لخطر كبير”.
في حين تساءل رئيس جامع ليون الكبير، كامل قبطان: “ألَا يستحق هذا الوضع المربك توضيحًا من قبل الحكومة”، خاصة أنّه أثار خيبة أمل كبيرة بين قادة المسلمين الّذين استثمروا الكثير في رفع الوعي واتّخذوا قرارات جذرية بإغلاق المساجد منذ بداية الوباء، متجاوزين مطالب الحكومة بإغلاق المكاتب وترك أماكن العبادة مفتوحة.