بأسلوب أدبي لا يخلو من بعض التشويق، روى رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ الوزير السابق محمد فال ولد بلال، تفاصيل واقعة اعتراض سيارته الرسمية من قبل إحدى فرق أمن المرور بنواكشوط، حين كان في مشوار طارئ أثناء ساعات حظر التجوال الليلي.
وبين ولد بلال، في تدوينة نشرها على "فيسبوك"، كيف أن أحد عناصر الفرقة حين أوقفه وسأله عن اوراق السيارة كان رده بأنها سيارة حكومية؛ وهو ما لم يتقبله مخاطبه الذي أكد أن علامة SG (مصلحة حكومية) لا تعني أن السيارة حكومية لأن لوحات ترقيم سيارات الحكومة تتضمن شريطا (خطا)، ثم سأله إن كان لديه إذن بالخروج أثناء حظر التجوال فقدم له الوثيقة المطلوبة لكنه اكتشف انها لا تحمل أي إسم وهو ما قال ولد بلال إنه ليس ذنبه.
غير أن أكثر تفاصيل الواقعة غرابة كون عنصر الأمن لم يسترعيه كون ولد بلال يرتدي عمامة وكمامة ولم يطلب منه الكشف عن وجهه، مكتفيا بسؤاله: «ما هو عملكم» فرد عليه: «انا حكيم»...
نص التدوينة:
"مداعبة مع وكلاء المرور،
في ليلة من ليالي "حظر التجوال"الكوروني، أخذت الكمامة واللثام وخرجت بسيارة في حاجة من حوائج الدنيا حاملا معي ترخيصًا يسمح بالخروج ليلًا؛ سيارة صغيرة ومتواضعة هي سيارة رئيس اللجنة. اعترضتني "حَكمة" من "حكمات" المرور على طريق انواذيبو. ودار بيني وبينهم الحديث التالي:
أدى الوكيل تحية خفيفة رافعا يده إلى المنكب، وقال: أين أوراق السيارة؟ قلت أي أوراق؟ هذي سيارة حكومية. قال: لا! هذي ألاّ "س.ج SG". السيارات الحكومية تحمل "الخط"• قلت: وما هو الخط؟ قال: الخط هو الخط أتوف! وأضاف: هل لديك رخصة خروج؟ قلت: نعم، وأعطيته الرخصة.. أمعن فيها النظر، وقال: هذه لا تحمل اسما محددا. فقلت: ذلك ليس ذنبي. قال: ما وظيفتك؟ قلت: أنا حكيم. قال: شنهُوووو؟ قلت: حكيم! قال حاكم؟ قلت: حكيم! قال حاكم في أي المقاطعات؟ قلت: لست حاكمًا، بل حكيما! قال : آش؟ قلت: حكيييييم ! قال : حكيم يخوي شنهِ؟ قلت معناها "عاقل". قال: وخيرت أنت ولد العاقل؟ قلت له: والله ألّ وخيرت، ولكن لا. قال: هي أصّ معناها شنهُ؟ قلت: معناها متبصر ،، قال: شنه؟ أعمى؟ رددت يدي إلى جيبي وأخرجت له "بطاقة حكماء" أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. أخذها مني، وهو يقول: عجيب، عجيب،، يا الناس تعالوا شوفو! جاء كبير الجماعة، وقال دون أن يلتفت إلى البطاقة: انزع لثامك! وما إن نزعت اللثام، حتى قال لصاحبه: أنت مجنون؟ هذا ولد بلال! خليه يمشي! وانتهى الأمر. أخذت بطاقة الحكماء و رخصة ال SG، ومضيت إلى حيث أمضي.
العبرة في هذه القصة ليست في تواضع مستوى وكيل المرور، وليست في استغراب الناس لوجود "حكمة" أو "حكماء" في هذه الأرض؛ وإنما العبرة أيضًا في أن المظاهر والأسماء الشخصية قد تكون أحيانا أهم من المراتب والوظائف والمؤسسات. وبما أن المظاهر غير مضمونة، والمؤسسات معتادة الوجود، والوظائف غير دائمة... ألاّ حد إحافظ اعل أسمو !".