بيان للناس.... 

أربعاء, 2020-07-08 10:32

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

بيان للناس....      

لقد لفت انتباهنا، نحن الموقعين على هذا البيان، لغط أثير حول التراث القادري الكنتي، أذكته محاولة استحداث اتحادية للهيئات والزوايا القادرية بالسند الكنتي، محاولة قام بها أفراد من عائلة واحدة، دون أي تشاور مع المنتمين روحيا وثقافيا للقادرية الكنتية، أو إخطار لأشقائنا من مشايخ ومرجعيات الطريقة القادرية بأسانيدها المختلفة .   

ونحن إذ نفترض حسن النية في أصحاب المبادرة ، وهم أهل لحسن الظن بهم، إلا أننا فوجئنا بالحملة الإعلامية والدعائية التي رافقت إعلان الاتحادية، ما يعني أنها ليست وليدة اللحظة، وإنما هي حصيلة نشاط خطط له ضمن دائرة ضيقة .. وتلك أولى مآخذنا عليها ومنبع عتبنا على إخوتنا، إذ لا يغيب عن أمثالهم من ذوي النهى أن المشورة في الأمر العام سنة مؤكدة بل أوجبها بعض المتأخرين ...

 إن التراث الكنتي؛ في بعديه الروحي والعلمي، مشترك لجميع أبناء المنطقة، أسهم فيه كل بقدَره ليربوَ مثل الصدقات، ويعم خيرهُ مثل الوابل .. سواء العاكف فيه من أبناء الشيخ سيد محمد الكنتي الكبير (دفين فصك)، وأحفاده ، والبادي من مريديه وأحلافه، بل إن النسب فيه تبع للسند ، فمن تحلى بالعلم وارتقى بالوِرد فهو كنتي السبب والنسب، ولم تزل تلك سيرة الشيخ، الذي الْتف حوله أهل زمانه فكانوا له ذرية من الأحباب، قبل الإنجاب ..وبسيرته استمسك ابنه الشيخ سيد أحمد البكاي بودمعه(دفين ولاته)، فكان واسطة عقد حلفائه ومريديه، ومن بعد وفاته ظهر أمر بنيه قائما على إنفاذ وصيته المشهورة بما اشتملت عليه من خصال حميدة وخلال نبيلة .        

يصعد السند القادري الكنتي إلى الشيخ سيد محمد الكنتي الكبير الذي أخذه عن الشيخ أبي العباس السبتي، وورّثه الشيخ لابنه الشيخ سيد أحمد البكاي بودمعة، كما ورثه سند البيعة المتصل عن آبائه الأفراد إلى عقبة بن نافع الفهري.. وقد تسلسل ورد التلقين في أبناء الشيخ سيد محمد الكنتي الصغير (دفين آرنكش في آدرار موريتانيا).

لقد كان التصوف ثم أصبح(...)، كان خبيئة بين العبد وربه يبيت يناجيه، ثم يصبح على حرفته، لا يثير انتباها، ولا يطلب جاها.. كان الجنيد يتكلم مع الرجل والرجلين، فإذا زادوا على العشرة  أمسك.      

بهذه السيرة العطرة سار الشيخان سيد محمد الكنتي الكبير وابنه الشيخ سيد أحمد البكاي فتخيرَا الموعظة لمن يعيها وأظهرا السنة لمن يقتفيها، تأسيا بالصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم. ولم يكن التصوف وقتها تشقيق كلام، ولا دعاوى محو واصطلام.. ثم تشابهت السبل على السالكين، فاختلط الناجون بالهالكين.. فجدد المغيلي ما اندرس في هذه الربوع من منهج السلف ليجمع به شتات الخلف.. فلزمه سيد أعمر الشيخ بن الشيخ سيد أحمد البكاي، (دفين آقا في إقليم طاطا بالمغرب)، الذي انتهت إليه المشيخة من بعده وتوارثها خلفه في سلسلة الذهب الرقادية.

ولأن الورد استحقاق بسبب، وليس إرثا بنسب انتقلت مشيخة القادرية الكنتية إلى الشريف سيدي علي بن النجيب الذي تتلمذ عليه شيخ الأشياخ الشيخ سيد المختار الكنتي، (دفين بولنوار، في أزواد) الذي خلفه ابنه الألمعي الشيخ سيد محمد الخليفة،صاحب الدر المسكوب في النثر، أنقى من فرائد الشعر،  الذي خلُد اسمه واسطة عقد أصحاب الرسائل من الشافعي القرشي إلى ابن أبي زيد القيرواني.

       وبذلك كان تصوف الأجداد تشوفا لمقام الاحسان، واعتصاما بالكتاب والسنة، وحفاظا على التماسك والوحدة، وإحياء للصورة الحضارية الناصعة لتاريخ المجتمع الكنتي، الحافل بقيم السلم والحلم والعلم، وثقافة البذل والإيثار، بمنهجه المعرفي المكين، وتراثه الروحي الرصين الذي أسهمت في إثرائه وتأصيله قامات علمية كبيرة، وطاقات فكرية مستنيرة، اعتمدت سنة التشاور والحوار والبيان بالحكمة والحجة والبرهان..      من هذا السند القادري البكائي تفرعت أسانيد استقلت بها مشايخ اشتهرت في بلاد البيظان، وممالك السودان مما يعطي لأصحابها حق النظر فيما يبرم للقادرية الكنتية من أمر اتحاد أو مشيخة، فلا وجه للاستبداد بالأمر دونهم، وإشهار العناوين في غيابهم. أما وقد قضي أمر الاتحادية دوننا، فإنه لا يسعنا، نحن الموقعين أدناه من أبناء الشيخ سيد محمد الكنتي الصغير ، وأبناء الشيخ الحاج ببكر، (دفين الساقية الحمراء)، وحلفاءنا التاريخين، إلا أن نؤكد بوضوح الحازم، وبيان الجازم، اعتراضنا على ما تعلنه الاتحادية المذكورة، وما تستبطنه... وأسفنا البالغ على ما سببت من خلافات داخل موريتانيا وخارجها، وما أثارت من فُرقة.. وندعو أصحاب المبادرة إلى تلافي الضرر، بترك دواعي الخلاف والعودة إلى الائتلاف .(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ...)

 

الموقعون..