أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ورئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، اليومى(الأربعاء), أن "الدين هو الحافز للتواصل بين المختلفين، الذي يقدم الأمل لليائسين، ويحثهم على الحياة والقيم الفاضلة"؛ مبرزا، في كلمة قيمة جامعة ألقاها أمام الملتقى العالمي للقيم الدينية لقمة العشرين، الذي احتضنه العاصمة السعودية الرياض، أن "روح الدين يتمثل في أصلها الخير والرحمة الشاملة والحكمة والعدل إذا تأولها الإنسان تأويلاً لا يبعدها عن مثلها العليا، ولا يحرم البشرية من إشعاعها الهادي إلى سبيل الرشاد"
وقال رئيس منتدى السلم في المجتمعات المسلمة، مخاطبا المشاركين في هذا اللقاء الذي ينعقد في إطار الدورة السابعة لمنتدى القيم بقمة العشرين؛ والذي يستمر لغاية 17 أكتوبر الجاري، بمشاركة 500 شخصية من ممثلي القيادات الدينية والخبراء الاستراتيجيين وصانعي السلام على مستوى العالم: "إن منتدى تعزيز السلم يشارككم الرؤية والعمل على ترسيخ ثقافة السلام والوئام حول العالم، وتجسيدها من عالم الأفكار إلى عالم الأشخاص، ونقلها من سماء النظريات إلى ميدان العمل في الفضاءات الدينية والفكرية، التي ترسخ قيم التعاون بدلاً من التباين، والتراحم بدلاً من التخاصم، والتعايش السعيد بدلاً من التنابز ..فتلك هي رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الموجه لسياساتها الرشيدة، حيث أتحدث إليكم من أبوظبي عاصمة التسامح والتعايش".
وأضاف أن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي نظم في الآونة الأخيرة مع رابطة العالم الإسلامي مؤتمرا حول فقه الطوارئ، الذي أوضح يسر الإسلام وسعة الشريعة، وقدرتها على استيعاب مصالح الناس في مواجهة الجوائح والأزمارات؛ مبرزا أن "هذا الاجتماع يعقد والبشرية تمر بأزمة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، أزمةٌ من النوع الذي يختبر أخلاقنا وقيمنا وإيماننا ..إنها تختبر أخلاقنا في التعامل فيما بيننا، في بيوتنا ومع جيراننا، وهل نصبر وننشر قيم الصبر والتضامن بيننا أم نخضع لليأس والقنوط ..هل نُعلي قيمة الإحسان والمحبة والإيثار مع القريب والغريب ..وهذا ليس على مستوى الأفراد فقط، وإنما على مستوى الدول أيضاً التي عليها مسؤولية مساعدة تلك الأقل ثروة وقوة، ولا تتوافر لديها وسائل مواجهة الجائحة المادية والصحية".
وتابع فضيلة الشيخ بن بيه: "إن القيادات الدينية بما تتمتع به من روحانية عالية، وتسامٍ عن التعصب وضيق الأفق، وشعور بالمسؤولية يمكن -حسب رأينا- أن تكون ملهمة للقيادات السياسية؛ لتجاوز الأزمات العظيمة والكبيرة، خاصة هذه الأزمة التي تجتاح العالم، وتمثل تحدياً وجودياً، يحتاج الناس فيه إلى ضياء في الأفق المظلم الذي تعيشه البشرية؛ إذ بالإيمان والثقة بالباري جلَّ وعلا، وبرحمته التي لا حدود لها، يمكن بث روح الأمل، والعمل على صناعة المستقبل؛ لميلاد عالم جديد، شعاره التضامن، وغايته التعايش السعيد على هذا الكوكب"؛ مبينا أن الجائحة "أكدت المصير المشترك للبشرية، وأننا لم نكن في يوم من الأيام أكثر ترابطاً ولا تواصلاً منا اليوم؛ لأنها هدمت كل نظريات الفصل أو التمييز؛ على أساس العرق أو اللغة أو التنمية ..وكشفت الحقيقة الخالدة، وهي ضعف الإنسان واحتياجه لأخيه الإنسان. ولفت إلى أن المسؤولية الملقاة على قادة الرأي والقيادات الدينية والروحية، تدعونا للمزيد من التعاون وإيجاد الوسائل المبتكرة؛ لبث روح الأخوة والأمل في نفوس الناس؛ لأن تنازع البقاء يؤدي إلى الفناء، ومن أولويات المستقبل، السعي المتواصل من أجل الوصول للناس ومحاولة إقناعهم؛ بقيم السلام والتعايش، وأن ذلك لا يتعارض مع دينهم ولا منظوماتهم القيمية ..فالسلام هو واجب الوقت المتعيّن وضرورته الحاقة ..هكذا تعلمنا التجربة الإنسانية، وإليه تدعونا نصوصنا الدينية ..وتلك هي رسالتنا التي لم نفتأ في منتدى تعزيز السلم؛ نجوب بها العالم على دروب السلام، انطلاقا من أبوظبي، فضاء الإنسانية والتسامح".
وخلص إلى إسداء خالص الشكر للمملكة العربية السعودية على "دورها الريادي في تعزيز السلم العالمي"، وإلى منظمي المنتدى على دعوته للمشاركة في هذا اللقاء، راجياً أن تلبي الجهود المشتركة حاجتنا للتفاهم والتحاور والبحث عن المشتركات، وهي دعوة عامة لجميع أصحاب النوايا الطيبة من أجل الاتحاد والمحافظة على شعلة الأمل في مستقبل أفضل للعائلة الإنسانية الكبرى.