اعتبر الأمين للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش أن تنظيم "داعش" متشدد للغاية ويستحيل التحاور معه؛ مبىزا أن مسألة التحاور مع التنظيمات الجهادية المنتشرة في منطقة الساحل الأفريقي باتت تطرح بإلحاح خاصة في مالي، بعدما نجحت السلطات في تحرير أربعة رهائن إثر اتصالات مع الجهاديين.
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أن الحوار ممكن مع بعض المجموعات الجهادية في منطقة الساحل ولكن ليس مع الأكثر “تطرفا” كتنظيم الدولة الاسلامية.
وقال في حديث لصحيفة “لو موند” الفرنسية إن “هناك مجموعات يمكننا التحاور معها ولديها مصلحة في التحاور لتصبح أطرافا سياسية مستقبلا”، وتدارك “ولكن هناك من بلغ لديهم التطرف الارهابي حدا لا يمكننا معه القيام بأي خطوة” وأعطى مثالا على ذلك تنظيم الدولة الإسلامية الغائب عن مباحثات السلام في أفغانستان.
وتتوقع القوى الدولية أن يؤدي اتفاق السلام مع طالبان إلى خفض مستوى العنف في أفغانستان، ويمهد للتوصل إلى تسوية سياسية تفضي إلى تشكيل جبهة مناهضة لتنظيم داعش، تجمع بين الحكومة المركزية وطالبان، علاوة على تقليص فرصها في التمدد والانتشار عبر فرض الاستقرار وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد.
ودعا اسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن في الاتحاد الافريقي، في 14 أكتوبر الجاري إلى “محاولة التحاور مع المتطرفين” في دول الساحل “لاسكات الأسلحة” على غرار الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وطالبان أفغانستان في 29 فبراير.
وجاء في الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة وطالبان أن القوات الأجنبية ستغادر أفغانستان بحلول شهر مايو 2021 مقابل ضمانات بمكافحة الإرهاب من طالبان التي وافقت على التفاوض بخصوص وقف دائم لإطلاق النار وصيغة لتقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت أثار قيام الحكومة المالية بتبادل 200 معتقل بأربع رهائن، وهم مسؤول مالي معارض والفرنسية صوفي بيترونان وإيطاليان، التكهنات حول استئناف الاتصالات التي بدأت مع الجهاديين.
وأعرب تحالف نصرة الإسلام والمسلمين على وسيلة اتصالات تابعة للقاعدة، عن اعتزازه بحصوله لقاء الرهائن، زعيم المعارضة سوميلا سيسي والفرنسية صوفي بترونين وإيطاليين اثنين، على "إطلاق سراح 200 من أعضائه المعتقلين في سجون النظام المالي".
وقال غوتيريش: “في أفغانستان هناك مجموعة إرهابية يستحيل التحاور معها هي تنظيم الدولة الإسلامية. رؤيته متشددة لدرجة يستحيل اطلاق أي حوار مع هذا التنظيم”.
وكشف الأمين العام للأمم المتحدة أن “التدابير الامنية المتخذة غير كافية” في دول الساحل ودعا إلى “تضامن دولي اكبر” مع هذه المنطقة.
وتأمل الأمم المتحدة في تخصيص مساعدات، إنسانية خصوصا، بقيمة 2,4 مليار دولار (مليارا يورو) خلال اجتماع وزاري افتراضي الثلاثاء.
وأوضح غوتيريش أن مهمة قوة الامم المتحدة في مالي محدودة جدا للتمكن من “محاربة التهديد الارهابي بفعالية”.
وتابع أن امكانات قوة برخان الفرنسية التي تعد أكثر من خمسة آلاف عنصر “محدودة أيضا وسط الأراضي الشاسعة التي يجب السيطرة عليها”.
وتتكبد قوة برخان الفرنسية المتمركزة في مالي لمواجهة الجهاديين في الساحل الأفريقي خسائر كبيرة منذ انتشارها هناك سنة 2013، ما دفع فرنسا مؤخرا إلى التهديد بسحب جيشها وتسليم مهامه إلى الجيوش المحلية. ولا يقتصر التحدي الذي تواجهه قوة كهذه على مالي، ففي بوركينا فاسو المجاورة ما زالت قوات الأمن عاجزة عن وقف تقدم الجهاديين، في وقت أعلنت فيه مجموعات جهادية عن اندماجها.
وقال غوتيريش إن القوة المشتركة في الساحل “تفتقر إلى الوسائل والامكانات للرد على التحديات الأمنية الهائلة” منددا برفض واشنطن أن تمولها الأمم المتحدة.
وذكر أن “الرد الدولي يجب أن يكون أقوى. نحتاج إلى تضامن أكبر من الأسرة الدولية وكذلك إلى تغيير الإطار الذي تعمل ضمنه القوة الافريقية”.
وكان غوتيريش أوصى في وقت سابق بضرورة تمديد مهمة قوة حفظ السلام الأممية في مالي مع تأكيده على أهمية عدم إدخال أي اقتطاعات على قوتها الحالية، قائلا إنّ “وجود البعثة لا يزال حاسما وتفويضها مازال مهمّا بسبب تعقيد التحديات لذلك أوصي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في مالي (منوسما) لمدة عام آخر حتى 30 يونيو 2021 بقوامها الإجمالي الحالي”.
وقبل تمديد مهمة القوات الأممية في مالي العام الماضي، دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي لدراسة إمكانية خفض عدد قوات بعثة حفظ السلام في مالي بشكل كبير، حيث قال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل إنه “بالرغم من بعض التقدم الذي تم تحقيقه في الأشهر الأخيرة وبعد تقدم متواضع فقط في السنوات السابقة، حان الوقت لتقييم إن كان وجود بعثة لحفظ السلام في بيئة من هذا النوع هو الحل المناسب أو الفعال للمشكلة في شمال مالي”.