مخاض الاستقلال ونشوء وبناء الدولة الموريتانية/ بقلم: الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

أربعاء, 2014-12-17 14:16

مما لا جدال فيه أن إرهاصات هذا المخاض بدأت في شهر أكتوبر سنة 1945 يوم انفصلت موريتانيا عن التبعية الإدارية لإقليم السنغال وأصبحت إقليما من أقاليم ما وراء البحار تابعا للجمهورية الفرنسية وعضوا في اتحاد أقاليم إفريقيا الغربية الثمانية، يحق له انتخاب ممثليه في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) وفي المجلس الاستشاري الإقليمي الاتحادي. وذلك في أعقاب التحولات الكبرى التي شهدها العالم غداة نهاية الحرب العالمية الثانية وتطلع الشعوب إلى الاستقلال والحرية. وما تلا ذلك محليا من صعود نجم الزعيم أحمدُ ولد حرمة ولد ببانه رحمه الله، الذي كان أول مواطن موريتاني يفوز في الانتخابات في الإقليم الجديد بدعم من قسم الحزب الاشتراكي الفرنسي بالسنغال، ليمثل موريتانيا في الجمعية الوطنية الفرنسية، في مواجهة إداري أجنبي هو إفون رازاك؛ الشيء الذي خلق جوا غير مسبوق من الشعور الوطني بالهوية الإقليمية الموريتانية ربما ألهبته الإجراءات المناوئة لسيبة وعسف الاحتلال التي اتخذها ذلك الزعيم فور الإعلان عن فوزه.

غير أن الزعيم أحمدُ ولد حرمة - رحمه الله- الذي أضعف نفوذه سقوط الاشتراكيين المبكر في الجبهة الشعبية في فرنسا؛ وخاصة وزير ما وراء البحار ماريوس موتى (Marius Moutet) ووالي إفريقيا الغربية بواريي (Poiriet) وهيمنة إداريي اليمين في المستعمرات، لم يستطع تجاوز بعض الاعتبارات الضيقة، والتمكن من القيام بتوحيد (أو على الأقل تحييد) الموريتانيين بمختلف مشاربهم حول نفسه وضد الاحتلال. الشيء الذي أدى إلى عزلته وانفضاض الكثيرين من حوله، وفي مقدمتهم جل عناصر نخبة ذلك الزمن الذين أسسوا في مواجهته سنة 1947 حزب "الاتحاد التقدمي الموريتاني" الذي استطاع كسب ثقة الإدارة الاستعمارية والتعامل مع جل الأمراء والشيوخ (الزعامات التقليدية) ورشح في مواجهة الزعيم أحمدُ ولد حرمه - رحمه الله- الرئيس سيد المختار انجاي رحمه الله، ففاز في استحقاقي 1951 و 1955. وقد كان لهذا الحزب - على علاته- الفضل في وضع اللبنات الأولى للصرح الموريتاني المستقل.

ويمكننا القول مع الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله، الذي شاء الله أن يكون - حسب تعبيره- "قائد ومنسق" ذلك المخاض العسير، إن فصوله بدأت يوم 20 مايو 1957 حين تم انتخاب ذلك المحامي الشاب الذكي الوسطي، وهو يومئذ مستشار إقليمي عن حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني عن ولاية آدرار من طرف الجمعية الإقليمية الموريتانية الجديدة التي يهيمن عليها حزبه، نائبا لرئيس أول حكومة موريتانية في ظل القانون الإطاري.

يومها، كانت أغلبية سكان موريتانيا الساحقة (أزيد من 90 في المائة) بدوا رحلا يعيشون على التنمية الحيوانية ويقاطعون المدن والإدارة والمدارس والصحة. فهم كما وصفهم الشاعر والزعيم اليساري محمد المصطفى ولد بدر الدين بعد ذلك بعقد من الزمن:

يخشون حتى ضياء العلم يبهرهم ** فيهربون خفافا كالمجانين

إلى الظلام إلى الصحراء تمنعهم ** من الرخاء وتحميهم من اللين!

ولكنهم كانوا - مع ذلك- يتخذون "ظهور العيس مدرسة" تبث العلم وتنبت العلماء والشعراء والأدباء والأطباء والزعماء، وكانوا يمارسون في باديتهم العبودية والتراتبية الاجتماعية، وكانوا سعداء جدا.

وكان الغزو الاستعماري وما ترتب عنه من مقاومة وكر وفر وهجرة ونزوح، وعزوف المجتمع عن الزراعة والصيد البحري واحتقاره لهما، ودورات الشدد المتتالية، وآثار الحربين الكونيتين المدمرتين.. كان كل ذلك قد حرم المجتمع الموريتاني من التطور الطبيعي، وأفقده الكثير من قادته وأبطاله ورجاله، وأدى إلى هجرة كثيرين ممن بقوا منهم على قيد الحياة إلى المشرق والمغرب.

أما مدنهم القديمة والحديثة فكانت مجرد مراكز إدارية وتجارية خالية من مستلزمات الحياة العصرية، ولا يقطنها سوى ذوي الارتباطات الملحة، أو الهاربين من جحيم العبودية والقهر الاجتماعي، أو من انقطعت بهم السبل. ولم تكن توجد بنى تحتية في الإقليم، ولا حتى عاصمة له، إذ كان يدار من السنغال.

أما المشهد السياسي الموريتاني فكان يومئذ كالآتي:

فبالإضافة إلى حزب الاتحاد التقدمي المسيطر، الذي يضم مختلف أطياف ومكونات المجتمع، كان يوجد حزب الوئام الموريتاني وقد أضعفه لجوء رئيسه إلى المغرب، ورابطة الشباب الموريتاني التي كانت بدورها تضم مختلف الأطياف والفئات، وكانت في بداية عهدها حركة ثقافية، ثم تحولت بعد مؤتمر ألاگ إلى حزب سياسي هو حزب النهضة الوطنية. وكان يوجد أيضا حزب محلي في غورغول بزعامة با صنبولي. هذا بالإضافة إلى ما يكتنف الإقليم من أطماع توسعية تجد التعبير عنها هنا وهناك؛ كان أخطرها مطالبة المملكة المغربية به وتعبئة كل إمكانياتها في سبيل السيطرة عليه والوقوف في وجه استقلاله.

وفي هذا المحيط المضطرب القاسي بدأ الرواد السعي للحصول على الاستقلال وتأسيس وبناء الدولة. وقد أصر نائب رئيس الحكومة المختار ولد داداه رحمه الله، الذي كان مهندس الصرح وقائد خلية البناء يومئذ، على الانطلاق من زاويتين أساسيتين هما:

أولا الوحدة الوطنية؛ وتعني الاعتراف بـ"ثنائية الأصول العرقية الثقافية الموريتانية" والحفاظ على وحدتها أساسا لكل بناء وطني "فثنائية الأصول هذه حقيقة لا يمكن لأي قائد موريتاني أن يغيبها أو يتجاهلها دون أن يعرض وجود البلد نفسه لأخطار جسيمة. وتعد معرفة المسؤولين الموريتانيين لها واعترافهم بها من الأمور الضرورية لبناء الوطن الموريتاني على أسس مكينة" (موريتانيا على درب التحديات ص 149).

وثانيا الوحدة السياسية؛ وتعني العمل على توحيد كافة الطيف السياسي الموريتاني في سبيل الاستقلال وبناء الدولة. ومن هنا ينبع الشعار السياسي الذي قاد تلك العملية برمتها وهو: "لنبن جميعا الوطن الموريتاني". وقد تجلى ذلك بالفعل في ثلاثة محاور:

ـ الإصرار على دمج جميع مكونات المجتمع الموريتاني في العمل الوطني المزمع وإشراكها في أجهزة الحزب والدولة.

ـ الإصرار على توحيد الطيف السياسي والاجتماعي في بوتقة واحدة تخدم تحقيق الهدف العظيم المنشود.

ـ الجمع بين الأصالة والحداثة (التمسك بالقيم والأخذ بأسباب الرقي) وقد وجد هذا التوجه تعبيره في اسم الدولة نفسها "الجمهورية الإسلامية الموريتانية" فهي جمهورية تأخذ بأسباب الرقي والديمقراطية وتعلن تبني الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وليست مملكة أو إمارة أو مشيخة، وإسلامية تتشبث بمبادئ وشرع الدين الحق الذي يدين به جميع سكانها، وموريتانية شاملة لا تنتمي إلى جهة أو إمارة أو مدينة مهما عزت وسمت؛ كما تجلى كذلك في الاعتماد على الشباب والاحتفاظ في الحزب والحكومة برموز المجتمع التقليدي ورعاية مصالحه المشروعة.

وفي سياق هذه السياسة الرشيدة التي نالت في النهاية تأييد قيادة الحزب الحاكم يومئذ بصعوبة بالغة، جاءت أول حكومة موريتانيةٍ ائتلافيةً بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد التقدمي الحاكم وحزب الوئام المعارض، وضمت ممثلين عن كافة مكونات المجتمع وعينت في إداراتها رموزا من رابطة الشباب، بعضهم تحت الإقامة الجبرية، والبعض الآخر متابع ويجري البحث عنه من طرف الشرطة الاستعمارية.

وهذه أسماء أعضاء الحكومة:

ـ المختار ولد داداه: نائب رئيس الحكومة، ووزير التعليم والثقافة والشباب؛

ـ أمادو ديا دي وزير الأشغال العمومية والنقل؛

ـ أحمد سالم ولد هيبة: وزير التجارة والصناعة والمعادن؛

ـ موريس كومبنيي: وزير المالية؛

ـ سيد أحمد لحبيب ولد الحسن: وزير الوظيفة العمومية والشغل والشؤون الاجتماعية؛

ـ الدي ولد سيد بابا: وزير العقارات والتحضر والإسكان والسياحة؛

ـ محمد المختار ولد اباه: وزير الصحة العمومية والسكان؛

ـ جان سالت: وزير الاقتصاد والتخطيط.

وفضلا عن ذلك، وجه حزب الاتحاد التقدمي الحاكم نداء في يوم 12 ديسمبر 1957 "إلى جميع الأحزاب السياسية والحركات والرابطات الموريتانية" دعا فيه "جميع القوى الحية في البلد إلى توحيد الجهود في كافة المجالات" وسعى إلى "تعبئتها لذلك". كما تم توجيه الدعوة إلى مؤتمر وطني عام ينعقد في 2 مايو 1958 في مدينة ألاگ عاصمة لبراكنة يكون تتويجا عمليا لهذا المسار.. وقد انعقد المؤتمر في التاريخ المحدد له.

ورغم الصعوبات الجمة التي اعترضت مسعى الوحدة الوطنية والسعي إلى الاستقلال التام فيه بسبب لجوء وزراء حزب الوئام في الحكومة الائتلافية إلى المغرب ومبايعتهم لملكه، وهو ما جعل جل المؤتمرين يعتبرون ذلك الحزب عدوا، لا يمكن الركون إليه، وتحفظ أغلبية المؤتمرين؛ بل ومعارضة بعضهم الصريحة للاستقلال التام محاباة للإدارة الاستعمارية التي لها تأثير مباشر على جل الزعامات التقليدية الحاضرة بقوة في المؤتمر، وإن كان المتحفظون والمعارضون يعللون موقفهم بما يحيط بالبلد من أخطار وتهديدات من الشمال والجنوب والشرق لا قبل له بها، ولا ينقذه منها إلا البقاء في حضن فرنسا، فإن المؤتمر نجح في الأخير في جمع كلمة الشعب الموريتاني على الوحدة الوطنية والسياسية وعلى إرادة الاستقلال التام. وأصدر القرارات الجوهرية التالية:

ـ يعلن المؤتمر عن صهر حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني وحزب الوئام الموريتاني في حزب واحد جديد هو "حزب التجمع الموريتاني".

ـ يقرر الدفاع عن وحدة التراب الوطني الموريتاني ضد كافة التهديدات أيا كان مصدرها.

ـ يقرر بقاء موريتانيا جزءا من مجموعة غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية مع الاستقلال الداخلي التام والرغبة في نيل الاستقلال الوطني.

ـ يقرر ربط علاقات حسنة مع حزبي "التجمع الإفريفي" و"التجمع الديمقراطي الإفريقي" بغية تحقيق عمل متكامل مع هاتين الفئتين المتنازعتين، على أن لا تنحاز موريتانيا إلى أي منهما دون الأخرى.

ـ يعرب عن كامل تحفظه اتجاه إنشاء "حكومة عليا" و"برلمان أعلى" في داكار.

ـ يعلن رفضه القاطع لأي انضمام سياسي أو إداري إلى منظمة عموم الأقاليم الصحراوية، ويوصي بعقد اتفاقيات اقتصادية معها؛ على أن يتم التفاوض على تلك الاتفاقيات بحرية تامة.

كما أصدر توصيات عديدة من بينها تبني سياسة التقشف، والعمل على تحسين نوعية تعليم اللغة العربية وتعميمه والوصول به إلى مستوى التعليم الفرنسي مع تشجيع وتطوير تعليم البنات.

ووجه المؤتمر نداء خاصا إلى فرنسا يطلب منها فيه وضع حد للحرب في الجزائر وبدء المصالحة مع البلدان العربية.

واختتم أعماله بانتخاب لجنة تنفيذية مؤقتة لحزب التجمع الجديد، انتخبت بدورها في 31 مايو 1958 مكتبا على النحو التالي:

ـ المدير السياسي: سيد المختار انجاي؛

ـ الأمين العام: المختار ولد داداه؛

ـ مساعدو الأمين العام: أمدو ديا دي صنب جوم، أحمد سالم ولد هيبه، الحضرمي ولد خطري؛

ـ المدير الإداري: دمبله تيكورا؛

ـ مساعدا المدير الإداري: غي سلي سمارى، الداه ولد سيدي هيبه؛

ـ أمين الدعاية: محمد عبد الله ولد الحسن؛

ـ نائبا أمين الدعاية: كان يحيى، أحمد ولد أعمر؛

ـ أمين المال: محمد المختار معروف؛

ـ نائبا أمين المال: با ممدو صنبولي، حمود ولد أحمدو؛

ـ أمينا الإعلام: يوسف كويتا، محمد فال ولد البناني.

 

وبعد إشارة الانطلاق التي شكلها مؤتمر ألاگ بدأ السير بخطى حثيثة نحو بناء مؤسسات الاستقلال الداخلي والدولة.

ففي 22 مارس سنة 1959 أجازت الجمعية التأسيسية دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالإجماع. وفي اليوم نفسه رفرف العلم الموريتاني عاليا - لأول مرة في التاريخ - في سماء العاصمة التي كانت ما تزال ورشة يبابا.

وقد علق الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله، في مذكراته على هذا الحدث العظيم تعليقا يجسد نبل مشاعر ذلك القائد الفذ، ويعبر بوضوح عن جسامة وخطورة المسؤوليات الملقاة على كواهل جيله، فقال: "ففي اليوم نفسه رفرف العلم الموريتاني عاليا للمرة الأولى في تاريخ بلادنا، وأسهمت حالة الجو في الابتهاج بهذه المناسبة التاريخية السعيدة؛ فقد هب نسيم البحر العليل كما لو كان يقدم مساعدة للعلم ليتعالى خفاقا في السماء مشرقا بهيا يطل على العاصمة التي كانت يومها مجرد ورشة بناء. وعندما تأملت علم بلادي والرياح تداعبه تملكني شعور ما زلت حتى الساعة أجهل كنهه! شعور بفرح عارم وشعور بالفخر والحرية، وفي الوقت ذاته استشعرت ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقي؛ تلك المسؤولية الجسيمة وذلك الطموح إلى البناء، بناء الدولة الأمة العصرية على أديم هذه الصحراء القاحلة المترامية الأطراف، وتحت أشعة شمسها الحارقة، ورياحها الهوجاء ذات الأطوار الغريبة: بين لفح الحر وزمهرير البرد، وكثيرا ما تحولت إلى عواصف رملية مقيتة. وعلينا أن نواصل السعي إلى إقامة الدولة الأمة التي يجب أن تأخذ مكانها في مصاف الأمم الحديثة. لقد كان الرهان صعبا وكان علينا أن نكسبه بأي ثمن. نعم لقد كان تحديا كبيرا يجب رفعه، وكانت العقبات لا تحصى والصعاب جسيمة، ومع ذلك يجب تذليلها بالاعتماد على الله ومساعدة الشعب الموريتاني كله. وعلينا أن نجتاز إلى بر الأمان وننتصر". (نفس المصدر ص 186).

وقبل ذلك كان قد انتقل رئيس الحكومة ورئيس البرلمان يوم 20 نوفمبر 1958 للإقامة في نواكشوط التي أصبحت في 24 يوليو 1957 عاصمة - على الورق- لموريتانيا؛ مدشنين بذلك انتقال العاصمة بالفعل من سان لويس إلى نواكشوط، وهو انتقال لا يرغبه الفرنسيون ولا السنغاليون؛ بل ولا بعض الموريتانيين.

كما جرى قبل ذلك أيضا استفتاء "نعم" و "لا" ففازت "نعم" التي دعا إليها حزب التجمع الموريتاني فوزا كاسحا. كما اكتسح مرشحوه في الانتخابات التشريعية الجمعية الوطنية فانتخبت الرئيس سيد المختار انجاي رئيسا لها يوم 16 يونيو من نفس السنة، وفي اليوم الموالي رشحت اللجنة التنفيذية لحزب التجمع الأستاذ المختار ولد داداه لمنصب رئيس الوزراء، فأجازته الجمعية الوطنية بالإجماع يوم 23 من نفس الشهر. وفي 26 منه شكلت أول حكومة للجمهورية الإسلامية الموريتانية المستقلة داخليا وكانت على النحو التالي:

ـ رئاسة مجلس الحكومة ووزارة الداخلية: المختار ولد داداه.

ـ وزارة المالية: موريس كومبانيي؛

ـ وزارة الاقتصاد الريفي: أحمد سالم ولد هيبه؛

ـ وزارة التخطيط والعقارات والتحضر والإسكان والسياحة: مامادو صامبولي؛

ـ وزارة الأشغال العامة والنقل والمواصلات: آمادو ديادي صنب جوم؛

ـ وزارة الصناعة والتجارة والمعادن: محمد المختار الملقب معروف؛

ـ وزارة العدل والتشريع: شيخنا ولد محمد الأغظف؛

ـ وزارة التربية والشباب والإعلام: سيدي محمد الديين؛

ـ وزارة الوظيفة العمومية والشغل: سيد أحمد لحبيب ولد الحسن؛

ـ وزارة الصحة والشئون الاجتماعية: حمود ولد أحمدُ.

وإذا كانت الخطوات المتسارعة نحو الحصول على الاستقلال التام وبناء الدولة قد تمت كلها في الاتجاه الصحيح وآتت أكلها الطيب بفضل وعي ومرونة وذكاء وواقعية القائمين على البناء؛ فإن خطوات في الاتجاه المعاكس مثل معركة "تغل" ولجوء قادة حزب الوئام الموريتاني وأمير الترارزة المحبوب وبعض قادة حزب النهضة إلى المغرب ومبايعتهم لملكه، وعزوف رابطة الشباب الموريتاني عن الوحدة وعن المشاركة في مؤتمر ألاگ، وعودة قادة النهضة إلى نواكشوط، ومعركة المطار التي صاحبت تلك العودة، ونفيهم إلى تيشيت، وقيام اتحاد مالي المعادي، وسلسلة التفجير والاغتيالات التي تلت إعلان الاستقلال بدعم وتوجيه من المغرب، كادت تعصف بالمشروع الوليد، ولكن الله سلم؛ إذ سرعان ما انكشف الغيم، وتغلبت الحكمة، وطغت إرادة الحوار والوحدة، فعُقِدت الطاولة المستديرة بين كافة الأحزاب في مايو 1961 وتوجت باندماجها في حزب واحد هو حزب الشعب، وقيام حكومة وحدة وطنية. كما تم قبول عضوية موريتانيا في الأمم المتحدة، وبدأ مشروع استخراج الحديد من الشمال الموريتاني عمودا فقريا للدولة الجديدة.

رحم الله الراحلين وحفظ من بقي من الجيل المؤسس.